أجتهد بحماس وافق، لا غيرة على مستقبلي، ولكن إرضاء لذلك الساحر الرائع. وأقول لأمي؛ فتقول هكذا يكونون أولاد الأصول. أتخيل رضاه مثل نعمة مباركة، وأمثل بين يديه مضطربة الأنفاس. أنت تعويذة الفرقة يا حليمة. الله جميل يحب الجمال. متى بدأت مداعباته اللمسية؟ كان شعاع الشمس النافذ من الزجاج يغمر وجهي، وثمة مزمار بلدي في الطريق يعزف راقصا، وأدفع يده المترامية لاهثة: لا يا سعادة البيك، أنا بنت شريفة! تجلجل ضحكته في أذني، يتلاشى احتجاجي في صمت الحجرة المغلقة الواسعة، عاصفة من الأنفاس الحارة والتسلل الماكر تشوش إرادتي الصادقة؛ إنه الكابوس الذي ينقشع عن دموع لا تستدر عطفا! خارج الحجرة أحياء يذهبون ويجيئون، وتموت أمي قبل أن تعلم. •••
تحرك أخيرا عند العصر، خف توتر أعصابي. إني أتعلق بقشة، ولكن ماذا أنتظر؟ علي أن أعد الثوب لأستطيع الحركة. إنه يبوح بسره لي، لا للرجل الكريه. ماذا يبقى لي الآن سوى عباس. •••
الخيبة تجيء مع الأفيون؛ لا ... إنها أقدم من الأفيون. ما أعذب ما دفنت من آمال! يرشف آخر رشفة في الكأس، يبتسم ابتسامة مخمورة، يشير إلى الحجرة الملاصقة للمنظرة، ويقول: في هذه الحجرة، كانت أمي تخلو إلى الباشجاويش!
أذهل من هول المكاشفة، عباس نائم في لفافة المهد، أقول غير مصدقة أذني: سكرت يا كرم!
يهز رأسه قائلا: كانت تحذرني من مغادرة حجرتي. - ما كان يجوز.
ويقاطعني: لا أحب النفاق ... أنت منافقة يا حليمة. - الله يغفر لها ... ألا زلت تحقد عليها؟ - ولم أحقد عليها؟ - إني لا أفهمك! - زوجك رجل لا مثيل له بين الرجال ... لا يؤمن بأي أكذوبة بشرية.
ماذا يعني؟ إنه زوج لا بأس به، لكنه يسخر من كل شيء؛ من إيماني يسخر ... من مقدساتي وتقاليدي ... ماذا يحترم ذلك الرجل؟ ها هو يهتك أمه دون مبالاة! أقول له: أنت مرعب يا كرم.
فيقول باستهانة: ذلك من حسن حظنا، وإلا لطلقتك ليلة الدخلة.
انغرز دبوس محمى في قلبي، دمعت عيناي، تلقيت ثاني ضربة قاسية في حياتي. يقول: معذرة يا حليمة؛ متى تصيرين حرة؟ - أنت قاس وشرير. - لا تهتمي بهذه الكلمات التي لا معنى لها.
ويحدثني عن عشق أمه الجنوني للشرطي، عن إهمالها له، كيف نشأ حرا بفضل ذلك الإهمال الداعر!
অজানা পৃষ্ঠা