المجلد الأول
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال أبو القاسم علي بن جعفر السعدي عرف بابن القطاع.
الحمد لله ذي العزة والسلطان والقدرة والبرهان المعروف بالإحسان الموصوف بالجود والامتنان المحمود بكل لسان ذي الجلال والحول والأفضال والطول الذي منّ علينا بالدين الحنيفي الصحيح والبيان١ العربي الفصيح الذي فضله على لغات جميع الملل وشرفه على كلام سائر النحل وكمله بمحمد أفضل الرسل وأعلى لغته على جميع اللغات وأنزل بها كلامه الذي هو صفة من الصفات بالآيات والمعجزات التي يتحدى بها إلى يوم الميقات أنزله على نبيه سيد المرسلين وأفضل العالمين فصدع بآياته وقمع بمعجزاته حتى استقام الدين وانتشر وعلا الحق وظهر وولى الباطل ودحر فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين ما ذر شارق
_________
١ ط واللسان وط علامة نسخة مراد ملا -رقم ١٧٩٠- ك.
1 / 5
وكرطارق.
واعلم أن أفضل ما رغب فيه الراغب وتعلق به الطالب معرفة لغة العرب التي نزل بها القرآن وورد بها حديث النبي ﵇ لتعلم بها حقيقة معانيهما ولئلا يضل من أخذ بظاهرهما.
وقد قال بعض الحكماء اللغة أركان الأدب والشعر ديوان العرب بالشعر نظمت١ المآثر وباللغة نثرت الجواهر لولا اللغة ذهبت الآداب ولولا الشعر بطلت الأحساب بلغة العرب نزل القرآن وبشعرهم ميز الفرقان من ذم شعرهم فجر ومن طعن على لغتهم كفر سألتني أراك الله السول وبلغك المأمول إن الخص لك ما انغلق وبعد وأخلص لك ما عسر وانعقد من كتاب أبنية الأفعال٢ لأبي بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية٣ وهذا الكتاب في غاية الجودة والإحسان لو كان ذا ترتيب وبيان لكن لم يرتبه على الكمال وقد اجتهدت في ترتيبه وتهذيبه بعد وسميته تهذيب كتاب الأفعال٤ لأنه قد أربى فيه على كل من ألّف في معانيه إلا أنه لم يذكر فيه سوى الأفعال الثلاثية
_________
١ ط تطيب.
٢ اسمه كتاب الأفعال الثلاثية والرباعية باتفاق معانيها وحركتها واختلافها، وقد طبع بمدينة ليدن سنة ١٨٩٤. م- س.
٣ توفي سنة ٣٦٧ بغية الوعاة – ح.
٤ هذه الجملة كانت بهامش الأصل بلا عزو فجعلناها ها هنا – ح.
1 / 6
وما دخل عليها من الهمزة ولم يستوعب ذلك وترك نحوا مما ذكر وخلط في التبويب وقدم وأخّر في الترتيب وجعل الثلاثي باتفاق معنى في أبواب وباختلاف معنى في أبواب والمزيد بالهمزة في أبواب١ والثنائي المضاعف في أبواب والمتفق والمختلف منه في أبواب فأتعب الناظر وانصب الخاطر وصار الطالب للحرف يجده متفرقا في الكتاب في عدة أبواب ولم يذكر فيه الأفعال الرباعية الصحيحة ولا الخماسية والسداسية المزيدة ولا الثنائية المكررة فأجبتك إلى ما سألت وأسعفتك بما أردت على ما في ذلك من التعب الطويل والنصب الجزيل لأني أحتاج أن أعرض الكتاب لكل حرف عرضة وألحق به ما ترك من عدة دواوين وفي هذا من المشقة ما لا يخفى عليك غير أني ابتدأت في ذلك مستعينا بالله العظيم راغبا في ثوابه الجسيم وإحسانه السابغ العميم للانتفاع بذلك في القرآن العظيم وحديث نبيه الكريم ﵇
فرددت كل فعل إلى مثله وقرنت كل شكل بشكله ورتبته خلاف ترتيبه وهذبته خلاف تهذيبه وذكرت ما أغفله من الأفعال الثلاثية والمزيدة بالهمزة والثنائية المكررة وأوردت الأفعال الرباعية الصحيحة والأفعال الخماسية والسداسية المزيدة وأثبتها على حروف المعجم حتى لا يحتاج الناظر أن يخرج من باب
_________
١ من ط.
1 / 7
إلا وقد استوعب جميع الأفعال على التمام والكمال وأعلمت على ما أورده بحرف القاف وعلى ما أوردته "أنا-١" بحرف العين ليعرف بذلك ما أورده وما أوردت وما ترك وما زدت وجمعت فيه ما افترق في مصنفات العلماء ونظمت فيه ما انتثر في مدونات البلغاء وأردت أن يكون الكتاب جامعا لسائر الأفعال حائز القصب الكمال ولم أورد فيه سوى المعروف المستحسن وعديت عن الحوشي المستهجن فإن شذّ عنه شيء فهو من هذا النوع وأرجو أن لا يشذ عنه شيء من اللغة المستعملة ولا يبقى في نفس الناظر فيه أمر من الأمور المشكلة بعون الله وتأييده وتوفيقه وتسديده جعلنا الله من الراغبين فيما لديه العاملين بما ندب إليه الفائزين برحمته عند القدوم عليه.
قال أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز.
﵁ اعلم أن الأفعال أصول مباني اكثر الكلام ولذلك٢ سمتها العلماء الأبنية وبعلمها يستدل على أكثر علم القرآن والسنة وهي حركات متقيضات والأسماء غير الجامدة والنعوت كلها منها مشتقات وهي اقدم منها بالزمان وان كانت الأسماء اقدم بالترتيب في قول الكوفيين٣ والبصريون يقولون بقدم الأسماء وان الأفعال
_________
١ من ط.
٢ ق وبذلك.
٣ في ق- زيادة: والجامدة التي لا يشتق منها فعل مثل حجر وباب وما أشبهها فإنك لا تقول حجر يحجر ولا باب يبوب.
1 / 8
مشتقة منها ولكل وجه وهي ضربان ضرب دخل التضعيف ثانية فصار ثلاثيا وضرب ثلاثي صحيح ومعتل فالمضاعف ضربان ضرب على فَعَل وضرب على فَعِل ليس فيه غيرهما إلا فعل شاذ رواه يونس وهو لبُبتَ تُلّب لَبّا ولبَابة١ والأعمّ لبَبت تلَبّ وحكى الخليل ذَمُمت تذُم وحكى ابن خالويه عَزُزت الشاة تعزُّقل لبنها وحكى الزجاج عن العرب لبُبت تلبّ بضم العين في الماضي وفتحها في المستقبل ولا نظير له في كلام العرب وحكى لببت تلبّ بكسر عين الماضي وضمها في المستقبل عن اليزيدي والضم يستثقل في المضاعف فما كان منه على فَعَل متعد يا فان مستقبله على يفُعل غير افعال جاءت باللغتين هرَّه يهُرُّه ويهرِّه كرِهه وعلَّه بالشراب يَعُلّه ويعِله وشدَّه يشُدّه ويشِدُّه.
وقال الفراء نمّ الحديث ينمِه وينُمُّه وَبتَّ الشيء يبُتُّه ويبِتّه وشذ من ذلك حَببَت الشيء احِبّه قرأ العطاردى: ﴿فاتبعوني يحِبُّكم الله﴾ وما كان غير متعد فإنه على يفعِل غير افعال اتت باللغتين شحَّ يشِحّ ويُشحّ ووجَدّ في الأمر يَجِدّ ويجُدّ وجمَّ الفرس
_________
١ ق – بضم اللام فيهما.
1 / 9
يجّم ويُجّم وشب يشِبّ ويشبّ وفَحَّت١ الأفعى تفِح وتَفُحُّ وترَّت يده تِترّ وتُترّ وطّرت المرأة٢ تطِرّ وتطُر وصدّ عني يصِدّو يصُدُّ وحدّت المرأة تحِدّو تحُدّ وشذَّ الشيء يشِذّ ويشُذّ ونسّ الشيء ينِسّ وينُسّ٣ إذا يبس وشطّت الدار تَشِطّ وتشُطَّ ودرّت الناقة تدِرّ وتدرُّ.
وأمّا ذرّت الشمس وهبّت الريح فإنهما أتيا على يفعُل إذ فيهما معنى التعدي وشذ منه الّ يؤلّ الًا بَرِق والرجلّ أليلًا رفع صوته ضارعا.
وما كان على فَعِل فإنه على يفعَل وليس لمصادر المضاعف ولا الثلاثي كله قياس يحتمل عليه وإنما ينتهي فيه إلى السماع أو الاستحسان.
وقد قال الفراء كل ما كان متعديا من الأفعال الثلاثية فإن الفَعْل والفُعول جائزان في مصدره
والثلاثي الصحيح ثلاثة اضرب فَعَل وفَعُل وفَعِل فما كان على فَعَل من مشهور الكلام مثل ضرب ودخل فالمستقبل فيه على
_________
١ في الأصل فخت بالخاء المعجمة في المواضع كلها والتصويب من ق س.
٢ من ط.
٣ ر، ينش وينش.
1 / 10
ما أتت به الرواية وجرى على الألسنة يضرِب ويدخُل فإذا جاوزت المشهور فأنت بالخيار إن شئت قلت يفعِل أو يفعُل هذا قول أبي زيد إلا ما كان عين الفعل أو لامه احد حروف الحلق فإنه يأتي على يفعَل إلا افعالا يسيرة جاءت بالفتح والضم مثل يجنَح ويجنُح ودبَغ يدبَغ ويدُبغ وافعالًا بالكسر مثل هنأ يهنِىء ونزَع ينزِع.
ع- وليس في كلام العرب فعل يفعَل بفتح الماضي والمستقبل مما ليس عينه ولا لامه حرف حلق إلا حرف واحد لا خلاف فيه وهو أبى يأبى وقد جاءت اربعة عشر فعلًا باختلاف فيها وهي قلَى يقلَى وغسَى الليل يغسَى وركَن يركَن وجنى يَجني وشحَى يشحَى وعثَى يعثى وحكى ايضًا سلى يسْلى وخطى يخطى١ "سمن-٢" وعلى يعلى وقنَط يقنَط وغصصتَ تغَصّ٣ وبضضت تبَضُّ عن يعقوب وودَع يدَع وقرىء: ﴿ما وَدَعَك ربُّك﴾ ويذر لأنه محمول على يدع وإن لم يأت له ماض وقيل اصله وَذر يذَر مثل وسِع يسَع إلا أنه أميت ماضيه.
ق- وما كان على فَعُل فمستقبله يفعُل لا غير.
ع- ما خلا حرفًا واحدًا احكاه سيبويه وهو كُدت تكاد.
_________
١ كذا –ولعله- خطى يخطى – ح.
٢ من ط.
٣ ر غضضت تغض.
1 / 11
وقال غيره دُمت تَدام ومُتَّ تمات وجُدت تجاد.
ق- وما كان على فَعِل فمستقبله على يَفعَل الأفضل الشيء يفضُل فإنه لما كان الأجود فَضَل استغنوا بمستقبله عن مستَقبل فَضِل وفي لغة نَعِم ينعُم ليس في السالم غيرهما.
ع - هذه الأفعال ستة ذكر منها اثنين وبقى عليه أربعة وهي حَضِر يحضُر وقَنط يقنُط قرأ أبو حيوة شريح القاضي: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ﴾ بالضم وركن يركَنُ قرأ قتادة: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ولَبِبَت تَلُبُّ وحكى ابن الأعرابي فَضَل ونَعَم.
ق- وجاءت أفعال بالفتح والكسر وهي حَسِب يحسَب ويحسِب وبِئس يبأس ويبئس١ ونِعم ينَعم وينعِم ويئِس ييأسن وييئسَ.
ع - ذكر أربعة أفعال وبقيت عليه ستة٢ وهي يبِس ييبسِ وفضِل يَفضِل عن اللحيانى وقنِطَ يقنِط عن الأخفش وعرِضت له الغول تعرِض عن الأصمعي وضللت أضِل لغة تميم وقَدر يقَدر عن قطرب لغة لبعض ربيعة وقد يفتح المضارع فيها
_________
١ ط ويبس ييبس وفي ق – يئس ييأس وييئس.
٢ ط خمسة كذا.
1 / 12
كلها.
ق - وجاءت أفعال معتلة على فَعِل يفعِل وهي ورَم يَرم ووَلى يَلى ووَرِث يرث ووثِق يثِق وومِق يمِق ووَرِع يَرِع ووَفِق أمره يَفِق ووَرِى الزَنَد يرى لم يأت غيرها.
ع ذكر ثمانية أفعال سبعة لا خلاف فيها وواحدًا فيه خلاف وهو وَرِى الَزند فأنه يقال فيه: وَرِى ووَرَى وبقى عليه فعل لا خلاف فيه وهَوِ وَرِى المخُ يَرى إذا اكتنز بالكسر لا غير.
واثنا عشر فعلا باختلاف فيها وهي: وَلِغ يلِغ ووزِع يَزِع عن أبي زيد والأجود وَلِغ يَولَغ ووزِع يزَع وقد جاء وَلَع يَلِع ووَلِع يَولَع ووَغِر صدره يغِر ووَحِر يَحِر عن أبي زيد أيضا والأجود يَوغَر ويوحَر ووَهِن يهِن وحكى ابن دريد وَهِن يَوهَن ووَبِق يَبِق وقالوا فيه وبَق يبَق ووبِق يَوبقَ ووَصِب الرجل في ماله وعلى ماله يَصِب إذا أحسن القيام عليه ويقال وَصِب يوصَب ووصَب يَصِب ووَلِه يَلِه ووَهِل يهِل والمستعمل يَولَه ويوهَل وطاح يطيح وتاه يتيه عن الخليل وهي فَعِلَ يَفعِل كحسِب يحسِب
1 / 13
ووَلِغ يلَغ وحكى أبو زيد يولَغ وحكى غيره وَلَغَ يلَغ.
وإنما حذفت الواو من يلَغ ويَدع وأشباهها١ وقد وقعت بين ياء وفتحة لأن الأصل عند الخليل يَولِغ ويودِع فحذف الواو لذلك ثم فتح المضارع لأن فيهن حرفا من حروف الحلق وحَكى سيبويه وَرِع الرجل يَورَع وجاء في المضاعف ضَلِلت أضِل والمستعملَ ضَلِلت أضَلُّ وضَللَت أَضِل.
ق - وجاء في المعتل دِمتَ تدوم وتَدام ومِتَّ تموت وتمات والأجود دُمت تدوم ومُتّ تموت.
ع وبقى عَليه كِدْت تكاد وجِدت تجاد وجاء فيهما تكود وتجود.
ق ومصادر الثلاثي كلها تأتي على فَعْلٍ وفَعَل وفِعْل وفُعَل وفَعِل وفُعُل وفِعَل وفُعُول وفَعِيل وفَعُول وفُعَال وفِعال وفَعال وفَعْلان وفُعُلان وفِعْلان وفَعَلان وفَعَالة وفِعَالة وفُعُولة وفَعْلة وفِعْلة وفُعْلة وفَعَلة وَفِعلة وفُعَلَة٢ وسترى هذه المصادر مع أفعالها إن شاء الله تعالى.
_________
١ كذا – ح.
٢ هنا بين الأصل والفرع تفاوت في الترتيب، وقوله وفعلة وفعلة وفعلة ليس في القوطية – س.
1 / 14
ع - لم يذكر من أبنية المصادر الثلاثية سوى خمسة وعشرين بناء وهي مائة١ وقد ذكرتها مستوفاة في كتابي المعروف بأبنية الأسماء والأفعال والمصادر.
ق - وقد تأتي المصادر قليلا على فُعْلى وفَعْلى كالرُجعى والبُشرى والشَكْوَى والتَّقوى وقالوا في مصادر الرباعي البَقْوى والبُقيا والفَتوى والفُتيا ولهذه الأفعال مصادر دخلت زيادة الميم أولها تدرك بالقياس على ما أصلته به العلماء مما قالته العرب على أصله وأشذته.
ومنها أسماء مبنية بالزيادة تشبه المصادر في وزنها وتخالفها في بعض حركاتها للفصل بين الاسم والمصدر فما كان على يَفعِل فالمصدر منه على مَفَعل كالمفرّ والمَضرب لم يشذ غير المَرجِع قال الله تعالى "إليه مَرجِعُكم" والمعذِرة والمعرِفة وقالوا المعجِز والمعجَز في الْعَجز الذي هو ضد العزم وكذلك قالوا في المعجزة والمعجَزة والمعتِبة والمعتَبة والاسم منه على مَفعِل كالمفرِ موضع الفِرار والمضرِب موضع الضرب لم يشذ من هذا إلا ألفاظ جاءت باللغتين أرض مهَلكَة ومهلِكة وَمضرَبَةَ السيف ومضَرِبته ومن المضاعف مَدَبّ النمل ومدبّهَ حيث يدِبّ والمَزلَّة والمَزِلّة موضع الزلل، وعِلْق مَضَنّة ومَضِنَّة.
_________
١ ط – وهي خمسة وتسعون – ك.
1 / 15
وما كان على يفعُل فالاسم والمصدر منه مفتوحان حملوه محمل يفعَل إذ لم يكن في الكلام مَفعُل فالزموه الفتح لخفته إلا ألفاظا جاءت بالكسر كالمشرِق والمغرِب والمسجد اسم البيت والمجزِر موضع الجُزارة وجاءت ألفاظ باللغتين بالفتح والكسر كالمَطلَع والمَنِسِك والمسكِن ومَفَرَق الطريق والرأس والمِحشَر والمنبَتِ.
ومن المضاعف المَذَمّة ومِحَلّ الشيء حيث يحُل وما كان على يفَعل فالاسم والمصدر منه مفتوحان لم يشذَّ من ذلك إلا المَكْبِر يعنون الكِبَر والمحمِدة يريدون الحمد.
والثلاثية المعتلة بالواو في العين أو اللام والمعتلة بالياء في مصادرها والأسماء المبنية على مَفعَل فرُّوا عن الكسر إلى الفتح لخفته لم يشذ من ذلك إلا المعصية ومأوى الإبل فإنهما مكسوران والمأوَى لغير الإبل مفتوح على أصله وكسروا مأقى العين لم يأت غيره.
ع ليس مأقى العين مَفِعلا وإنما وزنه فَعْلِى وقد غلط فيه جماعة من العلماء وإنما الياء في آخره للإلحاق وليس له نظير فالحق بمفعِل على التشبيه فلهذا جمعوه على مآقٍ.
1 / 16
ق - وأما المعتلة بالياء في عين الفعل فانما ينتهى في مصادرها والأسماء منها إلى الروايات لأنهم قالوا المحيض١ والمَبيت والمَغيب والمزِيد وهن مصادر وقالوا المَغيض مغيض الماء والمحيض في الأسماء والمصادر-٢ وقالوا المَطار والمَنال والممَال في الأسماء والمصادر.
ومن العلماء من يجيز الكسر والفتح فيها مصادركُنَّ أو أسماء فيقول الممال والمميل والمغَاب والمغيب وفي اشباهها كذلك.
وتنقلب الواو والياء ألفا في مصادر ذوات الواو والياء كما انقلبت في افعالها كالمُقال٣ والمجُال والمُطار والمُنال والمُقام والمُراح في الرباعي.
والأفعال السالمة من ذوات الياء في المصادر والأسماء كالمعتلة لم يشذ من ذلك الا المحمِية في الغضب والأنَفَة.
وما كان منها فاء فعله واو فالمصدر منه والاسم على مَفِعل بالكسر الزموا العين الكسرة في المفعل اذ كانت لا تفارقها فى يفعِل لم يشذ من هذا الامورَق٤ اسم رجل ومَوكَل اسم رجل
_________
١ ق – المخيض- وهذا غلط وصوابه بالحاء المهملة – س.
٢ هذه الزيادة من ق- س.
٣ ق- كالمقام.
٤ ق- مودق- وهو تصحيف صوابه الراء – س.
1 / 17
او بلد وجاء فيما كان من هذه البنية على مَفعَل١ مَوهَب اسم رجل بالفتح وحده والموَحَل موضع الوَحّل باللغتين وطىء تقول في هذه البنية كلها بالفتح ولطىء توسع في اللغات.
واما مَوحد فمعدول عن واحد ولهذا لم ينصرف انصراف المصادر ومن العرب من يلتزم القياس في مصادر يفعَل وأسمائه فيفتح جميع ذلك وكل حسن والأفعال الرباعية التي على أفعل اذا كانت صحيحة فليس في مصادرها اختلاف انما تأتى على الأفعال كالآكرام والإسراج والإلجام فإذا ارادوا المرة الواحدة قالوا اكرامة واسرِاجة والجامة كالضربة والقَعدة في الثلاثي والمصدر والإسم على مُفعَل بضم الميم كالمُدخل والمُخرج وإذا كانت معتلة العينات جاءت مصادرها بالهاء كالإقامة والأضاعة جعلوها عوضا مماسقط منها وهي الواو من قام والياء من ضاع.
ومن العرب من يأتى به محذوفا قال الله تعالى "واقام الصلوة" وكل حسن.
ومن العلماء من لايجيز الحذف إلا مع الإضافة.
وما كان اعتلاله في اللام فان مصادره كمصادر السالم على الأفعال كالإغراء والإرماء ومصادر ذوات الياء السالمة إذا نقلتها إلى الرباعي
_________
١ ر- يفعل.
1 / 18
كذلك كالإِغناء والإِهداء١ والمصادر بالزيادة منها والأسماء على مُفعَل بفتح العين كالمغُزى والمُدعى٢ وما اشبههما.
وما كان من الأفعال على فاعلتُ فمصدره على الفِعال والمفاعلة كالنزال والمنُازلة والقتال والمُقاتلة غير افعال يسيرة استغنوا فيها بالمفاعلة عن الفعال مثل عافيته مُعافاة وجازيته٣ مُجازاة وساعى الأمة مساعاة اذا زنى بها.
والفعل المستقبل قبل الماضى لأنه لم يكن ماضيًا حتى كان مستقبلًا تقول هو يفعل فإذا اوعب فعله قلت قد فعل وايضًا فإنهم بنوا الماضي من الأفعال المعتلة على المستقبلة فقالوا أغزيت لما قالوا يُغزى ولو كان الماضي قبل لم تكن ضرورة تضم إلى قلب الواو ياء والإعتلال في الأفعال مخالفة اصل البنية وبنية الفِعْل فَعَل محركًا بالفتح فلما قالوا قال وباع علمنا بظهور الواو في القَول والياء في البيع ساكنتين معتلّتين انهما اصل هاتين الألفين وأنهما وقعتا موقع حركة فقلبثا ألفا لفتحة فاء الفعل التي قبلهما ألا ترى أن الواو لماصحت في الهوى والعَور والحوَل وما اشبهها صحت في أفعالها فلم تنقلب والياء والواو في غزا ورمى مثلهما في قال وباع اذ اعتلالهما لا مات اشدُّ من
_________
١ ط- كالإعماء والاهواء – و، ق – كالإعياء والاهواء.
٢ ق- المدني.
٣ ق- جازيته باشر.
1 / 19
اعتلالهما عيناتٍ وليس يعتل الفعل الثلاثي بوقوع حروف اللين في فائه فأما علة يَعِدو يَزِن وأشباههما فإن الكسرة في المضارع اوجبت سقوط فاء الفعل فيه.
والأفعال الثلاثية كلها ضربان ضربٌ لا يتعدى مثل قام وقعد وضَرب يتعدى مثل ضرب وأكل فإذا أردت أن تعدى ما لا يتعدى عديته إلى الزمان والمكان والأشخاص بحروف الصفات وبنقله إلى الرباعي مثل أَقمته واقعدته.
ع - وبتشديد عين الفعل.
ق وتعدى الفعل المتعدى إلى مفعول واحد إلى مفعولين ايضًا بنقله إلى الرباعي مثل أركبتك فرسًا وأعمرتك دارًا.
وما كان على فَعِل من ذوات الياء في لامه فان مصدره يكتب بالياء كالهوى والجَوى والعمى إلا ما كانت الواو ظاهرة في مؤنثه فإنه يكتب بالألف كالعَشا في العين والقنَا في الأنف والعَثا ١كثرة الشعر في الوجه لأنك تقول في مؤنثه عشواء وقَنواء وعَثوا وَعثواء
والأفعال الثلاثية من ذوات الياء والواو في لاماتها ومصادرها تكتب منها ما كان اصله الواو بالألف وما كان اصله الياء بالياء وما كان بهما كتبت بالأعم فيه.
وإن استوت اللغتان فيه كتبت بما شئت منهما وإذا نقلت
_________
١ كذا – وفي التاج- العثى كالى اللمم الطوال – ح.
1 / 20
الثلاثي من ذوات الواو إلى الرباعي أو الخماسى أو السداسي قلبت الواو ياء مثل اغزيت وغازيت واستغزيت وكذلك كل مابنى منها من مُغزَى ومُغازَى ومُستغزىً واشباهها تعود وأواتها ياءات في الخط والتثنية وكذلك افعل منها مثل أعشى وأقنى.
وظهور الواو والياء في المصادر يدلك على أفعالها الواوية واليائية.
والواو إذا كانت عين الفعل تنقلب ياءً في المصادر إذا جاءت على فعال كالصيام والقيام وهذا حكمها في الجمع كِثياب وحِياض وكذلك تنقلب١ إذا كانت فاء الفعل في المصادر كالايغاد والأَيجاب وكذلك الهمزة إذا كانت فاء الفعل تنقلب في مصادر الرباعي ياء كالايلاف والايجار وكذلك تنقلب في مِفعال كمِيزان ومِيعاد والصفات في الألوان تأتى اكثر افعالها الثلاثية على فَعِل الا أُدِم وشُهِب وقُهِب وكُهِب وسُمِر وصدُؤ الفرس وصدِىء فإنها أتت بالضَم والكسر.
وتدخل الزيادة في بعضها فتكون على افعلَّ اخضرَّ وإِصفرَّ وإِحمرَّ وإِدهمَّ واسودَّ وابيضَّ وافعالَّ جائز فيها
والصفات بالجمَال والقبح والعلل والأعراض تأتى افعالها على فَعِل الأعجِف وحُمِق وخُرِق وكُدِر الماء وغيره فانها جاءت بالضم
_________
١ ق- تقلب.
1 / 21
والكسر وقد جاء منه شىء على فُعل نحو خُشن الشيء خُشونة وخُشونة ورُعن رعُنا ورُعونة
وقال الأصمعي وعجُم عُجمة وعُجومة
ومؤنث أفعَل من الصفات فعلاء ولا ينصرفان في معرفة ولا نكرة وقد تأتي الصفات في الادواء والعلل أيضاَ على فَعِلٍ وفعِيلٍ وافعالها على فِعل كدِنفٍ وسقيم وعلى فَعْلان كسكران وغضبان ومؤنث هذين على فعلى ولا ينصرفان في معرفة ولا نكرة اتَبعوا المذكر في ذلك المؤنث كما فعلوا بأفعل وفعلاء
والصفات على فعيل والأخلاق اكثر افعالها على فَعُل مثل كَرُم وجمُل وفقُه وظرُف
ومنها ما يكون بمعنى فاعل مثل عليم وقدير وحفيظ وكريم١ ومنها ما يكون بمعنى مُفعِل مثلِ داع سميع وعذاب أليم
ومنها ما يكون بمعنى مفعول كقتيل وجريح فليس يدرك بقياس إنما ينتهي فيه إلى السماع.
وجاءت صفات على أفعلَ ذكر سيبويه ان العرب لم تكلم لها بافعال ولكن بنتها بناء أضدادها وهي الأغلب والأزبر العظيم الزبرة وهو الكاهل والأهضم والأذن والأخلق والأملس والأنوك٢ والأخرم والأقطع
_________
١ ط- حكيم.
٢ ق- الاثل.
1 / 22
والأجذم للمقطوع اليد وقد جاء في كتاب العين وغيره لبعضها أفعال ذكرتها في مواضعها والقياس يصحبها والأمْيَل الذي لا سلاح معه والأشيب وقالوا في هذين استغنوا بمال عن مَيِل وبشاب عن شَيِب شبهوه بشاخ وقالوا صَيِد في فعل الأصيد.
والأمر والنهىِ من الفعل المستقبل ليس من الماضي.
وأقل ما بنيت عليه الأسماء والأفعال ثلثة أحرف فما رأيته ناقصًا عنها فاعلم ان التضعيف دخله مثل فرّوردّ وما زاد على ثلثة احرف فبحروف الزوائد الداخلة فيه وما كان على ثلثة أحرف منها مفتوح العين فإن ألفاعل منها فاعل كضارب وقاتِل والذي يقع به الفعل مفعول كمضروب ومقتول.
وما كان منها مضموم العين فالفاعل منه فعيل ككريم وقبيح لأنه إنما يقع في الذوات وما كان مكسور العين لعلة أو شبيه١ بها فالفاعل منه على فَعِل كعَمٍ ونَزِقٍ وقد يأتى هذا المكسور لغير علة كعامل ولاحق٢ ولاحس.
وما كان رباعيًا فالفاعل منه مُفعِل كمسرج وملجم والمفعول منه مُفعَل كمسرج وملجم واعراب الفعل بالرفع
_________
١ ق- شبه.
٢ ط، لاعق.
1 / 23
والنصب والجزم ولا يدخله الخفض إذ لا يكون إلا بالإضافة والإضافة إنما تكون إلى الشيء الثابت والفعل حركة متقضية وأيضا فإنه دلالة فكر هو أن يجمعوا بين دلالتين.
هذا جملة ما يحتاج المتأدب إليه في الأفعال وما يتصرف منها وبالله العون ومنه التوفيق١.
_________
١ هذه زيادة في ق، والحمد لله رب العالمين بجميع محامده وصلى الله على نبيه وسلم تسليما.
الهمزة من الثلاثي الصحيح على فَعلَ وأفعَل بمعنى واحد وغيره مدخل ... الهمزة من الثلاثي الصحيح على فَعلَ وأفعَل بمعنى واحد وغيره "أجره الله أجرا" يؤجره والمملوك والأجير أعطيتهما أجرهما أجركذلك. ع - اجرا وآجره يؤجِره فصار صورة أفعل وفاعل واحدة. ق - وأجَرَ العظمُ واليدُ برءا على فساد من كسرٍ أُجورًا. ع - وأجِرت أَجَرًا وأُجِرت أَجْرًا وأُجورًا وأجرتها وأجرت الرجل صيرته جاري فأنا مجير والمفعول مجار وهذا على القلب-١. ق - "وأَجِر" الإنسان عددا من ولده صاروا له أجرا بموتهم. _________ ١ ليس في ط.
الهمزة من الثلاثي الصحيح على فَعلَ وأفعَل بمعنى واحد وغيره مدخل ... الهمزة من الثلاثي الصحيح على فَعلَ وأفعَل بمعنى واحد وغيره "أجره الله أجرا" يؤجره والمملوك والأجير أعطيتهما أجرهما أجركذلك. ع - اجرا وآجره يؤجِره فصار صورة أفعل وفاعل واحدة. ق - وأجَرَ العظمُ واليدُ برءا على فساد من كسرٍ أُجورًا. ع - وأجِرت أَجَرًا وأُجِرت أَجْرًا وأُجورًا وأجرتها وأجرت الرجل صيرته جاري فأنا مجير والمفعول مجار وهذا على القلب-١. ق - "وأَجِر" الإنسان عددا من ولده صاروا له أجرا بموتهم. _________ ١ ليس في ط.
1 / 24