في مدينة دانتسج في 22 فبراير عام 1788م. وكان أبوه تاجرا ثريا، يهتم بعض الاهتمام بالمسائل الثقافية. غير أنه كان يتميز بنوع من الاستقلال في الآراء وجفاف الطبع. أما أمه فكانت امرأة ذات مواهب عقلية رفيعة، اشتهرت يوما ما بوصفها كاتبة قصصية. وكان لها فيما بعد منتدى أدبي (صالون) في فيمار. ولقد أبدى «أرتور» في طفولته مقدرة عقلية ممتازة، وعكف بعد ذلك على دراسة العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، ثم انتقل إلى دراسة الفلسفة في وقت متأخر نسبيا في جامعتي جوتنجن وبرلين. وفي عام 1813م ألف أول كتبه، وهو «الأصل الرباعي لمبدأ السبب الكافي»، وهي رسالة حاز بها درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة يينا، وعرض فيها نظرية في المعرفة مبنية على رأي «كانت» في مثالية الزمان والمكان والمقولات.
وفي خلال إقامته في درسدن - في المدة من سنة 1814م إلى سنة 1818م - أنتجت عبقريته الخلاقة كتابا فلسفيا ضمنه خلاصة تفكيره. وكان سنه عندما انتهى منه ثلاثين عاما، فكان مما يدعو إلى الدهشة حقا أن يكتمل تفكيره ويبلغ كل هذا القدر من النضح وهو في هذه السن المبكرة. هذا الكتاب - الذي عبر عن مذهب شوبنهور أكمل تعبير - هو «العالم إرادة وتمثلا»، وعنوانه في الألمانية
Die Welt als Wille und Vorstellung ، وإنه لمن الأمور التي تسترعي النظر أن شوبنهور قد عاش واحدا وأربعين عاما بعد نشر هذا الكتاب، لم يجد خلالها ما يدعوه إلى الرجوع عن أفكاره الرئيسية التي تضمنها كتابه هذا. ومن المعروف أنه كان منذ حداثته يحتفظ بكراسة مذكرات يدون فيها ما يخطر له من الأفكار. وهكذا كان الكتاب تعبيرا موضوعيا عن نظرته العامة إلى الحياة، تلك النظرة التي لم يتخل عنها إلى النهاية.
وفي سنة 1819م تولى شوبنهور منصبا للتدريس بجامعة برلين، فبلغت به الجرأة أن حدد لمحاضراته نفس مواعيد محاضرات هيجل. ولكنه بطبيعة الحال لم يستطع أن يجتذب المستمعين من فيلسوف ألمانيا الأكبر. وفي سنة 1821م اعتزل التدريس، ثم اعتكف في «فرانكفورت آم مين»، حيث عاش حياة منعزلة موحشة بلا أصدقاء سوى كلب أطلق عليه اسم «آتما» (وهي «النفس الكلية» عند الهنود). وكان سبب اعتكافه هذا واضحا، فقد أخفق تماما في التدريس. كما أن كتابه الرئيسي لم يلق أي نجاح، في الوقت الذي كان يرى فيه هيجل وشلنج وفشته - الذين كانوا في رأيه أقرب إلى الدجل منهم إلى الفلسفة الصحيحة، يرفعون إلى مصاف العباقرة، ويلقون أعظم النجاح في جميع الأوساط، وظل شوبنهور يعيش هذه الحياة الموحشة المعتمة، مع تأليف كتب أخرى أقل أهمية، حتى مات عام 1860م. ولكن الشهرة كانت قد بدأت تهبط عليه في العقد الأخير من حياته، وخاصة عندما ألف «يوليوس فراونشتت
Julius Frauenstädt » كتابه «رسائل عن فلسفة شوبنهور
Briefe über die Schopenhauersche philosophi ». ولكن كان واضحا أن الشهرة قد أتت بعد فوات الأوان، إذ لم تفلح في إضفاء أي قدر من البهجة على حياته الكئيبة. (2) مؤلفات شوبنهور
بدأ شوبنهور حياته التأليفية - كما قلنا - بكتابه الأصل الرباعي لمبدأ السبب الكافي
über die Vierfache Wurzel des satzes vom zureichendem Grunde . وهذا الكتاب يكون مدخلا ضروريا إلى فهم كتابه الرئيسي الذي نحن بصدده، وإن يكن قد تأثر فيه بكانت أكثر مما ينبغي، وبعد عامين (أي في 1815م) ألف كتابا في نظرية الألوان، بعنوان «الأبصار والألوان»
über das Sehen und die Farben ، ثم كتابه الرئيسي «العالم إرادة وتمثلا» في سنة 1819م. وفي فترة عزلته الأخيرة ألف عن «الإرادة في الطبيعة»
Uber das Willen in der Natur
অজানা পৃষ্ঠা