لِأَنَّهُ زقاق بَين الاحتلال إِلَى جَانب الصَّحرَاء لَا ينزله من مَعَه شَيْء يخافه أَو لَهُ مَال ينْفق مِنْهُ مثل هَذِه النَّفَقَة وَمَا هِيَ إِلَّا بلية يجب أَن يكْشف عَنْهَا فاستبعد الرجل هَذَا وَقَالَ هَذَا فكر بعيد فَقَالَ اطْلُبُوا امْرَأَة من الدَّرْب أكلمها فدق بَابا غير الْبَاب الَّذِي عَلَيْهِ الشوك واستسقى مَاء فَخرجت عَجُوز ضَعِيفَة فَمَا زَالَ يطْلب شربة بعد شربة وَهِي تسقيهم والواثقي فِي خلال ذَلِك يسْأَل عَن الدَّرْب وَأَهله وَهِي تخبره غير عارفة بعواقب ذَلِك إِلَى أَن قَالَ لَهَا فَهَذِهِ الدَّار من يسكنهَا وَأَوْمَأَ إِلَى الَّتِي عَلَيْهَا عِظَام السّمك فَقَالَت وَالله مَا نَدْرِي على الْحَقِيقَة من سكانها إِلَّا أَن فِيهَا خَمْسَة شباب أعفار كَأَنَّهُمْ تجار قد نزلُوا مُنْذُ شهر لَا نراهم يخرجُون نَهَارا إِلَّا كل مُدَّة طَوِيلَة وَأَنا نرى الْوَاحِد مِنْهُم يخرج فِي الْحَاجة وَيعود سَرِيعا وهم طول النَّهَار يَجْتَمعُونَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ويلعبون بالشطرنج والنرد وَلَهُم صبي يخدمهم وَإِذا كَانَ اللَّيْل انصرفوا إِلَى دَار لَهُم فِي الكرخ وَيدعونَ الصَّبِي فِي الدَّار يحفظها فَإِذا كَانَ سحرًا بلَيْل جاؤوا وَنحن نيام لَا نعقل بهم وَقت مجيئهم قَالَ فَقطع الْوَالِي استسقاء المَاء وَدخلت الْعَجُوز وَقَالَ للرجل هَذِه صفة لصوص أم لَا فَقَالَ توكلوا بحوالي الدَّار ودعوني على بَابهَا قَالَ وأنفذ فِي الْحَال واستدعى عشرَة من الرِّجَال وأدخلهم إِلَى سطوح الْجِيرَان ودق هُوَ الْبَاب فجَاء الصَّبِي فَفتح فَدخل وَالرِّجَال مَعَه فَمَا فاتهم من الْقَوْم أحد وَحَملهمْ إِلَى مجْلِس الشرطة وقررهم فَكَانُوا هم أَصْحَاب الْخِيَانَة بِعَينهَا ودلوا على بَاقِي أَصْحَابهم فَتَبِعهُمْ الواثقي وَكَانَ يفتخر بِهَذِهِ الْقِصَّة
قَالَ مؤلف الْكتاب وبلغنا عَن بعض وُلَاة مصر أَنه كَانَ يلْعَب بالحمام فتسابق هُوَ وخادم لَهُ فسبقه الْخَادِم فَبعث الْأَمِير إِلَى وزيره ليعلم الْحَال فكره الْوَزير أَن يكْتب إِلَيْهِ أَنَّك قد سبقت وَلم يدر
1 / 59