فَقَالَت إنَّكُمَا قد خطبتماني وَلست أُجِيب أحد مِنْكُمَا دون أَن أرَاهُ وأسمع كَلَامه فأحضرا إِن شئتما فحضرا فأجلستهما بِحَيْثُ تراهما وَتسمع كَلَامهمَا فَلَمَّا رَآهُ الْمُغيرَة وَنظر إِلَى جماله وشبابه وهيئته يئس مِنْهَا وَعلم أَنَّهَا لن تؤثره عَلَيْهِ فَأقبل على الْفَتى فَقَالَ لَهُ لقد أُوتيت جمالا وحسنا وبيانًا فَهَل عنْدك سوى ذَلِك قَالَ نعم فعدد محاسنه ثمَّ سكت فَقَالَ لَهُ الْمُغيرَة كَيفَ حِسَابك قَالَ مَا يسْقط على مِنْهُ شَيْء وَإِنِّي لاستدرك مِنْهُ أدق من الخردلة فَقَالَ لَهُ الْمُغيرَة لكنني أَضَع البدرة فِي زَاوِيَة الْبَيْت فينفقها أَهلِي على مَا يُرِيدُونَ فَمَا أعلم بنفادها حَتَّى يَسْأَلُونِي غَيرهَا فَقَالَت الْمَرْأَة وَالله لهَذَا الشَّيْخ الَّذِي لَا يحاسبني أحب إِلَيّ من هَذَا الَّذِي يحصي عَليّ مثل صَغِير الْخَرْدَل فَتزوّجت الْمُغيرَة
وَمن الْمَنْقُول عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ لما فتح عَمْرو بن الْعَاصِ قيسارية سَار حَتَّى نزل على غَزَّة فَبعث إِلَيْهِ علجها أَن أرسل إِلَى رجلا من أَصْحَابك ُأكَلِّمهُ ففكر عَمْرو فَقَالَ مَا لهَذَا العلج أحد غَيْرِي فَقَامَ حَتَّى دخل على العلج فَكَلمهُ فَسمع كلَاما لم يسمع مثله قطّ فَقَالَ لَهُ العلج حَدثنِي هَل من أَصْحَابك أحد مثلك قَالَ لَا تسْأَل عَن هواني عِنْدهم إِذْ بعثوني إِلَيْك وعرضوني لما عرضوني فَلَا يَدْرُونَ مَا تصنع بِي قَالَ فَأمر لَهُ بجائزة وَكِسْوَة وَبعث إِلَى البواب إِذا مر بك فَاضْرب عُنُقه وَخذ مَا مَعَه فَمر بِرَجُل من النَّصَارَى من غَسَّان فَعرفهُ فَقَالَ يَا عَمْرو قد أَحْسَنت الدُّخُول فَأحْسن الْخُرُوج فَرجع فَقَالَ لَهُ الْملك مَا ردك إِلَيْنَا قَالَ نظرت فِيمَا أَعْطَيْتنِي فَلم أجد ذَلِك ليسع بني عمي فَأَرَدْت أَن آتِيك بِعشْرَة مِنْهُم تعطيهم هَذِه الْعَطِيَّة فَيكون مَعْرُوفك عِنْد عشرَة خيرا من أَن يكون عِنْد وَاحِد قَالَ صدقت أعجل بهم وَبعث إِلَى البواب خل سَبيله فَخرج عَمْرو وَهُوَ يلْتَفت حَتَّى إِذا أَمن قَالَ لَا عدت لمثلهَا أبدا فَلَمَّا صَالحه عَمْرو وَدخل عَلَيْهِ العلج فَقَالَ لَهُ أَنْت هُوَ قَالَ على مَا كَانَ من غدرك
وَمن الْمَنْقُول عَن خُزَيْمَة بن ثَابت عَن الزُّهْرِيّ
1 / 30