زِيَادَة بَيَان لعلامات الْفَرِيقَيْنِ
وَأبين من ذَلِك ان كل من زعم انه يُرِيد بِعَمَلِهِ وَجه الله وَلَا يُرِيد من اُحْدُ على عمل يعمله من الاعمال الصَّالِحَات جَزَاء وَلَا شكُورًا ثمَّ عرفه النَّاس بِعَمَلِهِ وَذكر بِهِ وَصَارَ مَعْرُوفا عِنْدهم ونال مِنْهُم الرّفْعَة فَإِن كَانَ يعرف من نَفسه أَنه عرض عَلَيْهَا ان يتَحَوَّل اسْمه وَمَا نَالَ بِعَمَلِهِ من النَّاس من الثَّنَاء والمحمدة الى غَيره وَيبقى هُوَ عِنْد النَّاس كمن لَا يعرف لَهُ عمل من اعمال الْبر ذكر وَلَا غَيره فَكَانَ هَذَا احب إِلَيْهِ فَأمره مرجو
وان كره ان يتَحَوَّل ذكره الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الى غَيره وَيبقى هُوَ كمن لَا يعرف لَهُ عمل من اعمال الْبر فدعواهه حِينَئِذٍ بَاطِلَة
لِأَن الَّذِي يَقُوله انه يُريدهُ بِعَمَلِهِ وَلَا يُرِيد غَيره فَإِذا تحول ذكره الى غَيره لم يحول الَّذِي عمل لَهُ الْعَمَل الثَّوَاب الى غَيره وَلم ينقصهُ من ثَوَابه شَيْئا وَلَعَلَّه ان يكون اكثر لَهُ عِنْده واقرب مثوى
وَالَّذِي كَانَ يزْعم انه لَا يريدهم بِهِ كره ان يَزُول عَنهُ الِاسْم الَّذِي ثبتَتْ لَهُ عِنْدهم بِهِ الْمنزلَة وَكره ان يبْقى عِنْد من زعم انه لَا يريدهم بِلَا ذكر عمل يعرفونه بِهِ
وَمثل هَذَا ينظر ان كَانَت لَهُ خصْلَة عِنْد النَّاس من خِصَال الْبر فنسبوه اليها ويظنون انه صَاحبهَا غَلطا مِنْهُم بهَا وجهالة فكره ان يعرفوا ذَلِك اَوْ يطلعوا عَلَيْهِ وَكره ان يعرفوا انه لَيْسَ مِمَّن يعْمل بِتِلْكَ الْخصْلَة اَوْ لَهُ عمل من الْبر وَعند النَّاس ان مَا يعمله من الْبر اكثر فَيكْرَه ان يطلع النَّاس عَلَيْهِ فَلَا يعبأ بمحبة نَفسه عِنْد الَّذِي يعْمل من اعمال الْبر فَإِنَّهُ مِمَّن يحب ان يحمد بِمَا لم يفعل
1 / 101