============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقاثق التصوف وقد تبين أحوال الجميع في صوفية بغداد في القديم، وهم أصحاب سيد الصوفية وخطيب العارفين الجنيد بن محمد رحمة الله عليه وفي أشكاله، فمن أشكاله من لزم العزلة 3 والانفراد وهو أبو إسحق إبراهيم البناء رحمة الله عليه وكان الجنيد يصلي خلفه وهو إمام مسجد الجنيد، وكان لا يخرج من بيته إلا وقت أداء الفرائض، فكان من خيار الصوفية والأولياء، وكثيرا ما قال الجنيد: إن أبا إسحق قفل قد ضاع مفتاحه. وبلغني 1 أنه دخل عليه الصوفية وهو مريض فقال : يا أصحابنا من استطاع منكم آن يموت هكذا فليمت، ففتح فاه وقال: ها! فمات في وقته ، وكان معتزلا، عزلته حقيقة الأنس بالله عز وجل عن الناس. وأما الذي أوى إلى الصحارى والبراري والمفاوز من أشكاله وأصحابه 1 فابو حمزة البغدادي رحمة الله عليه، دخل البادية في سكر إرادته، فلم يخرج منها سنين ، فبعد سنين وقع للجنيد أن أبا حمزة قد أقبل فاستقبله الجنيد والنوري وجماعة أصحابه، فلما خرجوا من الكوفة إذا أبو حمزة قد أقبل من البادية كأنه قطعة لحم، جلده 12 ملتزق بالعظم متغير اللون (35) رث الهيثة ، فلما أقبل قال له أبو الحسين التوري : يا سيدي هل تغيرت الأسرار كما تغيرت الألوان؟ فأنشأ أبو حمزة يقول : [من الرجز] شردني عن وطني: اخمرجني عن وطني أقول فقد السدمن تفيبت بدا وإن بدا غيبي يقول لا تشهد ما تشهد أو تشهدني 18 فكان آبو حمزة ممن آوى إلى الصحارى والبوادي: وأما من آوى إلى الخربات واستوحش من العمران فأبو الحسين النوري، لم يدخل الأمصار سنين غير الجمعات، وكان يأوي إلى خربات في سواد بغداد، فريما كان 21 الجنيد يطلبه أسبوعا فلا يجده ، وريما وجده في خراب أو على رأس عين، وكان يلح عليه في أن يطعمه قليل سويق، وبلغني آنه مات آخر عمره في خرية فدفنه الجنيد وكتب على قبره: هذا قبر آبي الحسين النوري عاشق الرحمن: 5) كثيرا: كثير ض 7) عزلته : اعزله ض.
10) - 17) تأريخ بغداد 392/1، 16؛ حلية الأولياء 250/10، 2، منسوب الى آبي الحسين التوري، 10) النوري: الجريري، تأريخ بغداد.
22)- 23) قارن قصة موته في اللمع 210، 17.
পৃষ্ঠা ৩২