============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف ومن الصوفية من يليسها على حكم الضرورة، ومنهم من يلبسها على حكم الإسقاط، ومنهم من تزين بها واشار في تلونها إلى حقائق أهل النهايات .
وقد لبس المرقعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين وكان (29) فيها 3 من الأديم، ثم كان لباس أويس القرني رضي الله عنه ولباس الصائبين بعده.
وأصل المرقعة ما التقط من الأرض من المزابل والطرق من الخرق، فغسلوا ذلك ورقعوا البعض على البعض حتى تقل فكان لباس آحدهم طول عمره في الشتاء والصيف، وقد حكي عن رابعة العدوية أنها كانت لها مرقعة أربعين رطلا ، فأوصت بأنها إذا توفيت تجعل المرقعة معها في قبرها، فلما ماتت رابعة ذقنت المرقعة معها، فرآها بعض الصالحين في المنام ، فقال : ما فعل الله بك؟ فقالت : غفر لي وأكرمني، وذكرت من الكرامات، ثم آمر فحملت مرقعتي فعلقت من العرش وهي معلقة إلى يوم القيامة، وإنما كان ذلك لشرف لابسها.
وشرائط المرقعة وحقائقها ودقائقها إشارات أهلها فيها تعلو، فإن الصوفية رقعوا السواد على البياض والكحلي على السواد والأسود على الأزرق، ولهم في كل لون من ذلك اشارات، فأما الأسود ففيه إشارة أهل اليلوى والمصائب، وذلك لون يظهر السلطنة والهيبة وهو لباس السلاطين، وكذلك لباس الخطباء يلبسونه للهيبة على المنابر، فبذلك 15 يتذاكر السلطان، وفي مشاهدته ورؤيته علم للصوفية وتذكار.
ثم الكحلي وذلك لون يشهد الحزن لأنه كان أبيض زاهرا فامتحن بالصبغ فامتحانه شاهذ الحال فيه.
ثم الأزرق وهو موافق للون السماء وليس شيء أحرن لقلوب المشتاقين من لون السماء لأنهم لا يرون من السماء إلا اللون، فحين نظروا إلى السماء تذاكروا بعد المسافة في الظاهر فهيج أحزانهم وطال اشتياقهم إلى من احتجب عنهم بسبع سماوات.
فالصوفية لهم في كل لون من ذلك إشارة، فجمعوا الألوان في المرقعة وترينوا بها .
وقد حكي عن الشبلي أنه خرج يوم العيد الى المصلى وعليه مرقعة ملونة بالأسود والأزرق وغيره من الألوان وكان معه (30) أصحابه وهو يقول : تزين الناس يوم العيد 24 للعيد وقد لبست ثياب الزرق والسود ، وقد حكي عن الجنيد أنه قال : إن الأرض لتزهر 4) الصائبين: كذا1) فحملت: فحمل قر فعلقت: فعلق ص وهي: وهو ض معلقة: معلق ص 14) الأسود: السوداء ص 15) يلبونه: يلبون ص:
পৃষ্ঠা ২৭