وقال الثالث: العجب كل العجب من آمل أجله بيد غيره، ورزقه عند سواه.
وأنشد:
ما أنزل الموت حق منزله ... من عد وقتا لم يأت من أجله
وكان يقول: روي أن الله سبحانه لما خلق آدم -عليه السلام-، جعل أجله بين عينيه، وأمله خلف ظهره، فلما واقع الخطيئة، حول، فجعل أمله بين عينيه، وأجله خلف ظهره، فذلك ما كان في بنيه من طول الأمل، والغفلة عن الأجل.
وكان يقول: ابن آدم! إنك لو قصرت مسير أجلك، لأبغضت غرور أملك، ولو أبصرت قليل ما بقي من عمرك، لزهدت في أكثر ما ترجوه من أملك.
وقيل: صلى الحسن على جنازة، ثم مشى إلى القبر، ثم قال: يا لها موعظة وعظ بها عباد الله، لو وافقت قلبا حيا، ولكن لا حياة للقلوب.
أيها الناس! إن الموت فضح الدنيا، فلم يدع لذي لب فيها بعده فرحا، فرحم الله من أخذ منها قوتا، وترك الفضل ليوم فاقته وفقره، فكأن الموت قد نزل، وانقطع العمل ، فرحم الله لبيبا قصر أمله، وراقب أجله.
وكان يقول إذا مرت به جنازة: اغد، فإنا رائحون، أو: روحوا فإنا غادون.
وقيل: رأى الحسن على مالك بن دينار رداء صوف، فقال: أيعجبك الطيلسان، أصلحك الله؟ فقال: نعم، فقال: ليهن عندك؛ فإنه كان على شاة قبلك، فنزع عنها.
পৃষ্ঠা ৮০