আদাব দুনিয়া ওয়া দীন

আল-মাওয়ার্দি d. 450 AH
173

আদাব দুনিয়া ওয়া দীন

أدب الدنيا والدين

প্রকাশক

دار مكتبة الحياة

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

১৪০৭ AH

প্রকাশনার স্থান

بيروت

জনগুলি

সুফিবাদ
إذَا لَمْ تَكُنْ نَفْسُ الشَّرِيفِ شَرِيفَةً ... وَإِنْ كَانَ ذَا قَدْرٍ فَلَيْسَ لَهُ شَرَفُ وَالْبَذْلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا ابْتَدَأَ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَالثَّانِي مَا كَانَ عَنْ طَلَبٍ وَسُؤَالٍ. فَأَمَّا الْمُبْتَدِئُ بِهِ فَهُوَ أَطْبَعُهُمَا سَخَاءً، وَأَشْرَفُهُمَا عَطَاءً. وَسُئِلَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - عَنْ السَّخَاءِ فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُ ابْتِدَاءٌ فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَحَيَاءٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أَجَلُّ النَّوَالِ مَا وُصَلَ قَبْلَ السُّؤَالِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَفَتًى خَلَا مِنْ مَالِهِ ... وَمِنْ الْمُرُوءَةِ غَيْرُ خَالِي أَعْطَاك قَبْلَ سُؤَالِهِ ... وَكَفَاك مَكْرُوهَ السُّؤَالِ وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْبَذْلِ قَدْ يَكُونُ لِتِسْعَةِ أَسْبَابٍ. فَالسَّبَبُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَرَى خَلَّةً يَقْدِرُ عَلَى سَدِّهَا، وَفَاقَةً يَتَمَكَّنُ مِنْ إزَالَتِهَا، فَلَا يَدَعْهُ الْكَرَمُ وَالتَّدَيُّنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَعِيمَ صَلَاحِهَا، وَكَفِيلَ نَجَاحِهَا، رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ إنْ تَدَيَّنَ وَفِي الشُّكْرِ إنْ تَكَرَّمَ. وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: مَا النَّاسُ إلَّا آلَةٌ مُعْتَمَلَهْ ... لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا فَعَلَهْ وَالسَّبَبُ الثَّانِي: أَنْ يَرَى فِي مَالِهِ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ، وَفِي يَدِهِ زِيَادَةً عَنْ كِفَايَتِهِ، فَيَرَى انْتِهَازَ الْفُرْصَةِ بِهَا فَيَضَعُهَا حَيْثُ تَكُونُ لَهُ ذُخْرًا مُعَدًّا وَغَنَمًا مُسْتَجَدًّا. وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ﵀: مَا أَنْصَفَك مَنْ كَلَّفَك إجْلَالِهِ وَمَنَعَك مَالِهِ. وَقِيلَ لِهِنْدِ بِنْتِ الْحَسَنِ: مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ فِي عَيْنَك؟ قَالَتْ: مَنْ كَانَ لِي إلَيْهِ حَاجَةٌ. وَقَالَ الشَّاعِر: وَمَا ضَاعَ مَالٌ وَرَّثَ الْحَمْدَ أَهْلَهُ ... وَلَكِنَّ أَمْوَالَ الْبَخِيلِ تَضِيعُ وَالسَّبَبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لِتَعْرِيضٍ يَتَنَبَّهُ عَلَيْهِ لِفِطْنَتِهِ، وَإِشَارَةٍ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِكَرْمِهِ، فَلَا يَدَعْهُ الْكَرْمُ أَنْ يَغْفُلَ وَلَا الْحَيَاءُ أَنْ يَكُفَّ. وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا سَايَرَ بَعْضَ الْوُلَاةِ فَقَالَ: مَا أَهْزَلَ بِرْذَوْنَك ؟ فَقَالَ: يَدُهُ مَعَ أَيْدِينَا

1 / 188