﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾:
البينات: الآيات الواضحة الدالة على صدق نبوته؛ كانقلاب العصا ثعبانًا، وفلق البحر، وانفجار العيون من الحجر.
﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾:
وردت هذه الجملة فيما تقدم من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾، وأسلفنا في تفسيرها: أن السامري بعد أن ذهب موسى ﵇ إلى الطور لمناجاة الله، صنع لليهود من حليهم عجلًا اتخذوه معبودًا من دون الله. والضمير في قوله: ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ عائد على موسى؛ أي: من بعد مجيئه للمناجاة. والظلم: وضعُ الشيء في غير موضعه اللائق به.
فمعنى ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾: وأنتم واضعون للعبادة في غير موضعها، أو: وأنتم قوم عادتكم وضع الأشياء في غير مواضعها.
وفي تكرير قصة عبادتهم للعجل تنبيه على أنها بالغة الغايةَ القصوى من الفظاعة. ومن المعروف في بلاغة العرب أنهم إذا أرادوا التنبيه لتقبيح شيء، أو تعظيمه، كرروا الحديث عنه.
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾:
تقدمت هذه الجمل، وإنما أعيدت هنا؛ لرد دعوة اليهود أنهم يؤمنون بما أنزل عليهم. والمعنى: إنكم تدعون الإيمان بما أنزل عليكم، وقد أعرضتم عما أمرتم به من قبول التوراة، ولم تتلقوا أحكامها بالطاعة حتى أُلجئتم إلى