فمن ناحية عقائدية؛ صاغ قدماء أئمة الزيدية منهجهم العقائدي بلغة قرآنية، بعيدة عن المصطلحات الكلامية، التي شاعت في كتب من وافقهم من المعتزلة. كما إنهم تجنبوا الخوض في كثير من القضايا التي خاض فيها المعتزلة، مع الحفاظ على الركائز الأساسية للفكر العدلي؛ التي هي التوحيد، والعدل، وصدق الله في الوعيد.
ومن ناحية تاريخية؛ فقد كان لأئمة أهل البيت وشيعتهم الزيدية دور واضح في الواقع السياسي للأمة الإسلامية، وبشكل خاص بين القرنين الثاني والرابع للهجرة.
ومن ناحية سياسية؛ فقد قدم أئمة الزيدية نماذج فريدة للعدالة السياسية، والاجتماعية في نظام الحكم الإسلامي؛ كما قدموا نماذج نادرة من الحكام، جمعت بين الورع والعلم، والتدبير والسياسة، والشجاعة والحزم، وأهم من كل ذلك العدل في الرعية.
ومن ناحية تشريعية؛ فقد تطور فقه الواقع لدى الزيدية تطورا كبيرا، وذلك لأن حكامهم كانوا مجتهدين اجتهادا مطلقا، يشعرون ويحيون داخل القضية التي يفتون ويجتهدون فيها.
ومن ناحية منهجية فقد اعتمد الزيدية على العقل باعتباره المصدر الأول للمعرفة الدينية؛ كما تشكلت العقلية الزيدية على مبدأ الاستماع، ولو لأشد المخالفين، والعمل بالدليل وليس بالتقليد.
ولقلة الدراسات عن الزيدية أسباب كثيرة:
تقصير الزيدية أنفسهم في إبراز فكرهم، والدور الذي يمكن أن يؤديه لخدمة نهضة هذه الأمة.
التغييب المتعمد لهذا الفكر من كثير من الجهات، وأغلب الأسباب من وراء هذا التغييب هي مخاوف لا أساس لها، ولا واقع لها.
صعوبة الوصول إلى مصادر هذا الفكر لكون أغلبه لظروف غير طبيعية ظل حبيس المكتبات الخاصة والعامة بشكل مخطوط، لا يصل إليه إلا القلة من الناس ذوي الهمم العالية، أو ذوي الحظ الجيد. والأدهى من ذلك عدم المعرفة بحجم وطبيعة المادة العلمية الزيدية الموجودة، مما يحير أي باحث يريد ان يخوض غمار هذا الفكر.
পৃষ্ঠা ১৬