مصادما. وسرت جنود ورعه إلى ميدان الفضائل، فلم تلق له مقاوما.
أيقابل السيل بالوشل، أم يعارض الجد بالفشل؟ ومكارمه قرت بها كل [٢٢/ب] عين. وانتظم في لبه الدهر واسطة زين.
أنشدني لنفسه:
يا نازحا ولعهد الحبّ قد نقضا ... لا تستحلّ حراما رمته غرضا
ناشدتك الله هل في العيش منتفع ... يوما إذا ما جفا المحبوب أو رفضا؟
ولقي يوما ببعض الأزقة من فاس امرأة بارعة الجمال، وقد لبست ثياب حزن زرق، وهي سافرة عن وجه كالقمر، وهي تلطمه بيديها، ومن حواليها من النساء يرمن أن يبرقعنه فتمنعهن بيديها، فقال بديهة:
ألبسوها ليحجب الحسن فيها ... ثوب حزن فزاد حسنا ومعنى
عجبا للسّحاب تستر شمسا ... فتقت غيمه شمالا ويمنى!
قال إسماعيل مؤلف هذا الكتاب:
ولما نظمني معهم سلك الآداب، وسلك بي مسلكم شرف الانتساب، ولم أكن ممن قصر عن ذلك المرام، ولا ممن تبدد من ذلك النظام؛ رأيت أن ترك اسمي وعدم إثبات نظمي، ثلة في جمع، ووترا من شفع، وفلا في حسام، وحظا من أسقام. بل كنت في ذلك، من فريق هنالك؛ قاده طبعه إلى تولج هذا الباب، وحداه عقله إلى مطالعة نوع من الآداب.
فمن قولي-لطف الله بي-وكان قد بلغني عن بعض بني عمي بعض القول مما يقبح:
رماني بنو عمّي بزور مزورّ ... وما زلت أوفاهم وأحسنهم سمتا
رموني حقدا بالذي لست أهله ... وإنّي عن هجر لأكثرهم صمتا
وإنّ جدودي كالجبال رزانة ... وما إن ترى فيها اعوجاجا ولا أمتا
1 / 84