সংখ্যা এবং মানুষ নির্মাণ: গণনা ও মানব সভ্যতার পথ
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
জনগুলি
6 ) + (4 × 10
5 ) + (5 × 10
4 ) + (6 × 10
3 ) + (3 × 10
2 ) + (4 × 10
1 ) + (6 × 10
0 ). ثمة تعقيد أصيل في هذه الأرقام غالبا ما نغفل عنه بسبب اعتيادنا عليه، ولأن تصنيف الكميات إلى عشرات يبدو أمرا طبيعيا للغاية. وبالرغم من انتشار الأنظمة العشرية في الأنظمة العددية على مستوى العالم، وفي الأعداد المنطوقة على مستوى العالم كذلك، فإننا لم نزود في شفرتنا الوراثية بمهارة تصنيف الأعداد إلى مجموعات عشرية؛ فتعلم نظامنا العددي يتطلب مجهودا كبيرا، ويشهد على ذلك مقدار الوقت الذي يستغرقه الأطفال الصغار في تعلم قواعد كتابة الأعداد الكبيرة وقراءتها. إضافة إلى ذلك، فالقواعد العددية تتغير بتغير الثقافة، وثمة قدر كبير من الاختلاف بين الأنظمة العددية التي تطورت في مناطق مختلفة، والعديد من أنواع هذه الأنظمة العددية لا يقوم على أساس تصنيف الكميات إلى عشرات. ولكي أوضح هذه النقطة؛ سنقوم بجولة مختصرة في حضارة المايا القديمة.
تحت أوراق الأشجار الكثيفة في الغابات الاستوائية، وتحت الضباب في بعض الأحيان، ظلت مدينة بالينكي الحجرية مدثرة بالطبيعة على مدار قرون، قبل «اكتشافها» على يد الأوروبيين في النصف الأخير من القرن الثامن عشر، وذلك بعد أن دمر غزاة الكونكيستدور قدرا كبيرا من التراث الثقافي لأمريكا الوسطى. وهذه السلسلة من الأطلال المتخفية في خط القمم المنحدر المحيط بالأراضي المرتفعة في تشياباس، قد بهرت المستكشفين منذ ذلك الحين. في مدينة بالينكي، صنع الأوروبيون في أواخر القرن الثامن عشر بعض الرسومات المبكرة للرموز الهيروغليفية لحضارة المايا، وهناك أيضا، قد التقطت بعض الصور الفوتوغرافية المبكرة لهذه الرموز، في أواخر القرن التاسع عشر. وبالرغم من أن أهل المايا قد أنتجوا مخطوطات غير عددية (كتب قابلة للطي تصنع أوراقها من لحاء الشجر، وبها كتابات ملونة)، فإن معظمها كان طعاما للمحارق التي أقامها أفراد الرهبان الإسبان، مثل الراهب السيئ السمعة فراي دييجو دي لاندا؛ كان دي لاندا يسعى إلى إجبار السكان الأصليين لأمريكا الوسطى على التحول عن دينهم؛ ولهذا فقد أباد القدر الكبير من الثقافة المادية الرمزية التي أنتجها هؤلاء السكان الأصليون، وأباد معها معظم أمثلة كتابة المايا الكلاسيكية. لقد أمر بإحراق النصوص التي أنتجها السكان الأصليون بعد أن عرف أن بعض أهل المايا ما زالوا يمارسون نظامهم العقائدي التقليدي. ونتيجة لجهوده، وجهود آخرين من بعده؛ لم يحفظ من هذه النصوص أو المخطوطات سوى عدد قليل، وأخيرا وصل ثلاثة منها إلى بعض الرفوف الأوروبية، في باريس ومدريد ودريسدن. لقد أسهمت النقوش الغامضة الموجودة على الأحجار في أطلال بعض المدن، مثل بالينكي وتيكال وكوبان وغيرها من مواقع المايا، في تعزيز الانبهار بكتابة المايا. ما الذي تعنيه هذه الرموز الغريبة المنقوشة على الحجر، التي تصور حيوانات وبشرا مزخرفي الثياب، والعديد من أنواع الرموز الأخرى؟ أكانت طبيعة هذه الرموز لغوية، أم أنها كانت فنية في الأساس؟ لقد ظل الباحثون يخوضون نقاشات محتدمة بشأن إجابة هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المرتبطة بالموضوع على مدار عقود؛ وذلك في أثناء فك رموز النص المكتوب بلغة المايا تدريجيا على مدار القرنين الماضيين.
غير أن أول اكتشاف مهم في عملية فك الرموز، قد جرى على يد شخص قد درس بعض أجزاء مخطوطات المايا التي أعيد إنتاجها في مكتبة دريسدن. ففي عام 1832، وضع قسطنطين صمويل رافينيسك، وهو رجل فرنسي غريب الأطوار يهتم بهوايات متعددة، تحليلا لأنماط هذه المخطوطة. وقد كانت هذه الأنماط التي حللها موجودة أيضا في النقوش الحجرية التي أذهلت مستكشفي مدينة بالينكي وغيرها من مدن المايا. وما لاحظه رافينيسك هو أنه بين جميع هذه النقوش والكتابات، ووسط هذا البحر من الصور التي لا يبدو أنه قد يمكن فك رموزها، توجد سلسلة متكررة من النقاط والخطوط، التي كانت أقل رمزية من الرموز المجاورة لها. فما الذي قد تعنيه هذه النقاط والخطوط؟ لاحظ رافينيسك أنه لم يكن يوجد أبدا في أي صف أكثر من أربع نقاط، فمعظم الصفوف كانت تحتوي على نقطة واحدة أو اثنتين أو ثلاث نقاط أو أربع. إضافة إلى ذلك، فقد لاحظ أن النقاط كانت توضع في معظم الأوقات بجوار خطوط، فخمن أن النقاط تعبر عن وحدات مفردة، وقد كان محقا في ذلك؛ فالنقطة الواحدة تمثل عنصرا واحدا والنقطتان تمثلان عنصرين ... وهكذا. واستنتج أن الخط يمثل خمسة عناصر، وذلك يشبه الطريقة التي تكتب بها خطا مائلا على أربع علامات عند تمثيل خمسة عناصر بنظام العد بالعصي على قطعة من الورق. وقد غيرت هذه الملاحظة فهمنا لرموز المايا، وكانت هي الخطوة الأولى نحو فك رموز كتابة المايا. ثم أتت إحدى الخطوات التالية الأساسية التي تضمنت أرقام المايا، وأوضحت أن النظام العددي لهذه الثقافة معقد إلى حد ما.
بعد عقود من اكتشاف رافينيسك، قدم باحث ألماني يدعى إرنست فورستمان، تحليلات للأرقام المصورة في مخطوطة دريسدن. ومن بين الرؤى التي قدمت في العديد من الأعمال التي نشرت في الفترة ما بين 1880 إلى 1900، قد لاحظ أن أرقام المايا الموجودة في المخطوطة كثيرا ما كانت تمثل كميات كبيرة تتوافق مع ظواهر فلكية، مثل دورة كوكب الزهرة. لقد ظل العمل الذي قام به فورستمان صامدا أمام ما تلاه من فحص دقيق ودراسة عميقة للكتابات، ولعب دورا أساسيا في فك رموز المايا في القرن العشرين. لقد قدم فورستمان وصفا مفصلا للعناصر الأساسية للتقويمات الأساسية التي كان يستخدمها شعب المايا، وكذلك وضح الرياضيات المعقدة التي كانوا يمارسونها.
অজানা পৃষ্ঠা