সংখ্যা এবং মানুষ নির্মাণ: গণনা ও মানব সভ্যতার পথ
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
জনগুলি
5
ما يتضح لنا من كل هذه العظام التي يتضمنها السجل الأثري، هو أن البشر كانوا يسجلون الكميات بطريقة مادية، باستخدام أرقام ما قبل التاريخ منذ عشرات الآلاف من الأعوام. فلطالما كنا مهتمين بتسجيل الكميات ومتابعتها، سواء أكانت دورة القمر التي تتكون من 29 يوما، أو غيرها من فئات الكميات التي تحدث في الطبيعة. ويتضح هذا الاهتمام الذي تمسكنا به طويلا، على مستوى العالم؛ إذ ظهر لدى الشعوب التي أتت لتقيم في فلوريدا، والأمازون، وجنوب فرنسا، وفي وسط أفريقيا وجنوبها، ومن المؤكد أن العديد من المواقع الأخرى لا تزال بها أدوات مدفونة.
القليل فقط من التقنيات التي ابتكرها البشر، كان لها هذا القدر من التأثير الذي حققته أنظمة العصي الأساسية. وقد أدت أنظمة العصي الأكثر تعقيدا دورا أكثر أهمية في أوروبا وغيرها من الأماكن في الألفية الماضية، ولا تزال بعض أنظمة العصي الأساسية تستخدم حتى الآن. ومن الأمثلة المتعددة على هذه الأنظمة، سوف نلقي نظرة على نظام العصي الذي تستخدمه قبيلة جاراوارا، وهم مجموعة من السكان الأصليين يبلغ عددهم مائة فرد، ويعيشون تحت ظل غابات الأمازون الكثيفة في الجنوب الغربي، وهم يعيشون بصفة أساسية على الصيد والتقاط الثمار. لا يزال هؤلاء الأشخاص بارعين في استخدام أساليب البقاء التقليدية، والعديد منهم أيضا على بعض الدراية بالحياة المتمدنة في البرازيل. وقبل خمسة أعوام فقط، كنا نعتقد أن هؤلاء الأفراد يفتقرون إلى وجود أعداد خاصة بهم من أي نوع. بالرغم من ذلك، فكما سنرى في الفصل الثالث، اتضح أن الجاراوارا كانوا يستخدمون نظاما شفهيا للأعداد على مدار قرون عديدة، وكانوا يستخدمون أيضا نظام العد بعلامات العصي، وقد كان هذا النظام منقوشا على الخشب لا على العظام. ويوضح الشكل
2-2
أحد أمثلة هذا النظام، حيث تظهر صورة غصن شجرة صغير عار، قد حفر فيه ببراعة أحد رجال الجاراوارا سلسلة من الشقوق، وهذه الشقوق المثلثة المحفورة في الغصن ترد في مجموعات منتظمة؛ فهي ترد في مجموعات تتكون من 1 و2 و3 و4 و5 و10 نقوش منفصلة. وقد شرح لي الفنان الذي حفر هذه الشقوق استخدامها التقليدي: عند الإشارة إلى الكميات، كعدد الأيام التي من المتوقع أن يقضيها أحد رجال الجاراوارا في السفر على سبيل المثال، سيشير الرجل إلى المجموعة المناسبة من الشقوق؛ فإذا كان يتوقع أن يسافر لمدة أسبوع مثلا، فيمكنه أن يشير إلى مجموعة تتكون من خمسة شقوق، وأخرى تتكون من شقين. وهذا التمثيل للكميات مفيد للغاية، غير أننا سنرى في الفصل الخامس أن بعض الثقافات التي تعيش في منطقة الأمازون لا تستخدم أي تمثيلات مشابهة للكميات، سواء أكانت حسية أو لفظية أو بصرية؛ فهي ثقافات لا عددية. أما الجاراوارا، فقد اعتادوا على استخدام نظام عصي محمول، لا يختلف كثيرا عن ذلك الذي استخدمه صيادو فلوريدا في ليتل سولت سبرينج، قبل 10000 عام. ونظرا لأنهم استخدموا الخشب لا العظام لتسجيل نظامهم، وكذلك مع مراعاة استهلاك غابات الأمازون لمعظم الأدوات التي صنعها البشر ؛ فإن نظام العصي الذي يستخدمه الجاراوارا لم يكن ليبقى حاضرا في السجل الأثري لفترة طويلة. بالرغم من ذلك، فنظرا لوجود رسومات قديمة تشبه نظام العصي في مونتي أليجري، فالأرجح أن سكان الأمازون، كانوا هم أيضا يتحرون الدقة في الكميات منذ آلاف الأعوام. ولا شك أن العديد من التقنيات المثيرة للاهتمام، والتي كانت تستخدم لتصوير الكميات بصريا، مثل ذلك النظام الذي يستخدمه الجاراوارا، قد ضاعت بمرور الزمن نتيجة للتحلل المادي، وليس ذلك في الأمازون فقط، بل في جميع أنحاء العالم.
6
شكل 2-2: نظام العصي التقليدي لدى الجاراوارا. الصورة من التقاط المؤلف.
على بعد مئات الكيلومترات باتجاه الجنوب الغربي للقرى القليلة والصغيرة التي تسكنها قبيلة جاراوارا، حيث حافة إقليم الأمازون، اكتشف مؤخرا نوع مختلف تماما من النقوش، وهي نقوش تتفق مع الاستخدام القديم للأعداد، على يد مجموعة غير معروفة من البشر، غير أن هذه النقوش ليست على الخشب ولا على العظام، بل على الأرض. إنها مجموعة كبيرة من رسوم «الجيوجليف» الضخمة¬¬، وهي عبارة عن خنادق خطية محفورة في الأرض، ويبلغ عمقها من مترين إلى ثلاثة أمتار. عند رؤيتها من الأعلى، فإن هذه الرسوم تمثل أشكالا هندسية منتظمة، كالدوائر والأشكال رباعية الأضلاع. وبعضها مربعات منتظمة تماما بأضلاع متساوية يصل طولها إلى 250 مترا. والأمر الغريب أن بعض هذه الرسوم يعود تاريخه إلى أكثر من 2000 عام. لقد ظلت مغطاة بالغابات الكثيفة على مدار قرون طويلة، إلى أن سمحت إزالة الغابات باكتشافها مصادفة، من طائرة صغيرة. وبالرغم من أن قصة المعماريين الذين صمموا هذه الرسوم لا تزال غامضة نظرا لقدمها، فمن الجلي أن هؤلاء الأشخاص قد اعتمدوا على التطابق الرياضي المعتاد لابتكار هذه الرسوم.
7
لقد أنتجت رسوم «الجيوجليف» هذه في وقت حديث نسبيا، مقارنة ببعض ما ذكرناه من الأرقام الرياضية الأكثر وضوحا، والتي تنتمي إلى مرحلة ما قبل التاريخ. غير أن هذه الرسوم تمثيل واضح لأحد الموضوعات الشائعة في علم الآثار، وهو أن آثار انشغال البشر الدائم بالأعداد، كثيرا ما تتضح في السجلات المادية. وينطبق ذلك على أشهر أنواع بقايا العصر الحجري القديم، وهي رسومات الكهوف، كما يتضح ذلك في الموقع الموجود بالقرب من مونتي أليجري. وبالرغم من صعوبة معرفة وظائف رسومات الكهوف، فإن بعض توجهات فن العصر الحجري القديم تتجلى في الجدران الداخلية في بعض الكهوف. وبالرغم من استحالة معرفة المعنى الذي تنطوي عليه هذه الرسومات على وجه التحديد، فغالبا ما يمكننا معرفة أعمارها بدقة. ففي الأماكن التي استخدم فيها الفنانون الأصليون الطلاء المعدني مثل المغرة لرسم أعمالهم، يمكننا تأريخ هذه اللوحات بشكل غير مباشر، وذلك من خلال استخدام الأدوات ذات الأساس العضوي، التي توجد بالقرب من العمل الفني. أما الرسومات الفحمية، فإنها تسمح بتأريخها بالكربون المشع بشكل مباشر من خلال تأريخ الطلاء المستخدم في الرسم.
অজানা পৃষ্ঠা