أجاب: لقد رضيت. فأخرج ميشيل محفظته من جيبه، وهي مكتظة بالأوراق المالية، وأعطاه خمسة وعشرين ألف فرنك، ثم قال له: هلم بنا الآن فقد أصبحت من أعواني.
وقد عرف القراء ما كان من السيئ البخت ورفاقه، أما الشقيان فقد انصرف كل منهما في شأنه، فعاد ميشيل إلى قصر البارون، وبحث بول في جيوب الثلاثة، فأخذ كل ما كان لديهم من المال، وسار في طريق أوكسر؛ كي يذهب منها إلى باريس حسب اتفاقه مع ميشيل.
ولكنه كان يعرج على كل خمارة يلقاها في طريقه، فلما وصل إلى أوكسر كان السكر قد أخذ كل مأخذ، فاضطر على أن يبيت في الفندق، وأن يسافر في اليوم التالي.
وفي صباح ذلك اليوم الذي قبض فيه على الثلاثة، وسافر بول سالبري إلى أوكسر، صحا الناس المجاورون للخمارة على صياح صاحبتها.
وذلك أن هذه المنافقة - شريكة ميشيل في آثامه - هبت في ذلك الصباح، وجعلت تبكي وتعول وتستنجد بالناس، فأسرع الناس إلى نجدتها، وسألوها عن سبب عويلها فلم تجبهم بشيء، ولكنها سارت بهم إلى خزانتها، وأرتهم إياها فرأوا قفلها مكسورا.
وكانوا جميعهم يعلمون أنها باعت منذ يومين أرضا لها بتسعمائة فرنك، ثم علموا منها أنها أودعت المال في هذه الخزانة، وأنها أصبحت اليوم فإذا به مسروق، وقد اتهمت بالسرقة الثلاثة الذين كانوا عندها؛ أي فيلكس ورفيقيه، دون أن تشير إلى بول سالبري، فهاج أهل القرية، وساروا بجملتهم إلى قاضي التحقيق ينتصرون للمرأة، ويسألونه القبض على هؤلاء الثلاثة، فأصدر القاضي أمره بالقبض عليهم، وأرسل الجنود للبحث عنهم، فأدركوهم وساقوهم إلى السجن كما تقدم.
وفي اليوم التالي بينما كان النائب العام في غرفته وصلته بطاقة زيارة، كتب عليها اسم باكيتا الممثلة الأولى في المرسح الإيطالي في باريس، فدهش لهذه الزيارة، وأمر بإدخالها عليه في الحال، وقد دخلت يصحبها كوكليش، فحكت له شيئا من حكاية السيئ البخت، واستطردت منها إلى الثناء على أخلاقه وأدبه، وأنه لا يمكن أن يكون من مرتكبي الجرائم.
فأجابها قائلا: إن قاضي التحقيق لم يسمع أقواله بعد، حتى أقف منها على حقيقة أمره، ولكني واثق ثقتك من أنه بريء من هذه التهمة مع رفيقيه، غير أن الإفراج عنه الآن محال؛ لأن التحقيق لم يبتدئ بعد.
قالت: ولكن ألا يؤذن لي بأن أراهم؟
قال: هذا محال يا سيدتي أيضا، فإني لم أستنطقهم بعد.
অজানা পৃষ্ঠা