আবু শুহাদা হুসাইন ইবন আলী
أبو الشهداء الحسين بن علي
জনগুলি
فإن آل علي جميعا كانوا من أشهر العرب - بل من أشهر العرب والعجم - بالقوة البدنية والصبر على الجراح والاضطلاع بعناء الحرب ساعات بعد ساعات، ومنهم من كان يلوي الحديد فلا يقيمه غيره، ومنهم محمد ابن الحنفية الذي صرع جبابرة القوة البدنية بين العرب والعجم في زمانه، ومن أشهر هؤلاء الجبابرة رجل كان في أرض الروم يفخر به أهلها، فأرسله ملكهم إلى معاوية يعجز به العرب عن مصارعته واتقاء بأسه. فجلس محمد ابن الحنفية وطلب من ذلك الجبار الرومي أن يقيمه، فكان كأنما يحرك جبلا لصلابة أعضائه وشدة أسره. فلما أقر الرجل بعجزه رفعه محمد فوق رأسه ثم جلد به الأرض مرات.
والحسين - رضي الله عنه - قد كان هو ومن معه من شباب آل علي ممن ورث هذه القوة البدنية كما ورثوا ثبات الجأش وحمية الفؤاد، وكانوا كفؤا لمبارزة الأنداد واحدا بعد واحد حتى يفرغ جيش عبيد الله من فرسانه القادرين على المبارزة، ولا يبقى منهم غير الهمل يتبددون في منازلة الشجعان، كما تتبدد السائمة المذعورة بالعراء.
وكان مع الحسين نخبة من فرسان العرب كلهم له شهرة بالشجاعة والبأس وسداد الرمي بالسهم ومضاء الضرب بالسيف، ولن تكون صحبة الحسين غير ذلك بداهة وتقديرا لا يتوقفان على الشهرة الذائعة والوصف المتواتر؛ لأن مزاملة الحسين في مثل تلك الرحلة هي وحدها آية على الشجاعة على ملاقاة الموت وكرم النحيزة في ملاقاة الفتنة والإغراء، فإذا جرى القتال كله مبارزة بين أمثال هؤلاء ومن يبرزون لهم من جيش عبيد الله، فهم كفء للمنازلة، وليس أملهم في الغلب بضعيف.
وقد بدأ القتال بهجوم الخيل من قبل جيش ابن زياد، فأشرع أصحاب الحسين لها رماحهم، وجثوا على الركب ينتظرونها، فلم تقم الخيل للرماح، وأوشكت أن تجفل مولية بفرسانها.
فعدل الفريقان إلى المبارزة، فلم يتعرض لها أحد من جيش ابن زياد إلا فشل أو نكص على عقبيه، فخشى رءوس الجيش عقبى هذه المبارزة التي لا أمل لهم في الغلبة بها، وصاح عمر بن الحجاج برفاقه: أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر وقوما مستميتين. لا يبرز إليهم منكم أحد فإنهم قليل، لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم.
فاستصوب عمر بن سعد مقاله، ونهى الناس عن المبارزة.
فلما برز عابس بن أبي شبيب الشاكري بعد ذلك وتحداهم للمبارزة، تحاموه لشجاعته ووقفوا بعيدا منه. فقال لهم عمر: ارموه بالحجارة.
فرموه من كل جانب فاستمات وألقى بدرعه ومغفره، وحمل على من يليه، فهزمهم، وثبت لجموعهم حتى مات.
وعجزت خيل القوم مع كثرتها عن مقاومة خيل الحسين، وهي تنكشف كل ساعة عن فارس قتيل، فبعث عروة بن قيس مقدم الفرسان في جيش ابن زياد يقول لعمر بن سعد: «ألا ترى ما تلقى خيلي هذا اليوم من هذه العدة اليسيرة؟ ابعث إليهم الرجال والرماة.» فبعث إليه بخمسمائة من الرماة وعلى رأسهم الحصين بن نمير، فرشقوا أصحاب الحسين بالنبل حتى عقروا الخيل وجرحوا الفرسان والرجال.
وكان أبو الشعثاء يزيد بن زياد الكندي ممن عدل إلى جيش الحسين، وهو من أشهر رماة زمانه. فلما تكاثر عليهم رمي النبال والسهام، جثا بين يدي الحسين وأرسل مائة سهم لم يكد يخيب منها خمسة أسهم، وقاتل حتى مات.
অজানা পৃষ্ঠা