আবু নুওয়াস
أبو نواس: الحسن بن هانئ
জনগুলি
وقبل أن نشرح هذه النرجسية كما يفهمها المحللون النفسيون نذكر نشأة اللفظ والاصطلاح؛ لأنها ذات صلة قوية بالمعاني التي أوحت إلى المحللين النفسيين أن يطلقوا الكلمة على مدلولها بين الآفات الجنسية على الخصوص.
كان اليونانيون الأقدمون يطلقون اسم نرجس على فتى من فتيان الأساطير بارع الحسن ساحر الشمائل، يفتن من يراه ويشقي بجماله وتيهه قلوب العذارى الخفرات، فلا يلتفت إليهن ولا يستجيب لضراعتهن، ولم يزل كذلك حتى ضجت السماء بدعاء عاشقاته وصلواتهن إلى الأرباب أن يصرفوهن عنه أو يصرفوه عنهن، واستجابت «نمسسي» ربة القصاص والجزاء إلى هذا الدعاء، فقضت عليه أن يهيم بحب نفسه ويلقى منها الشقاء الذي تلقاه منه عاشقاته، قال رواة الأساطير: «فما هو إلا أن ذهب يشرب من ينبوع صاف حتى لمح بصورته في مائه، فوقف عندها يعجب من جمالها، وأذهلته الفتنة عن شأنه فلم يبرح مكانه مطرقا إلى الماء؛ ليتملى تلك الصورة ويرتوي من النظر إليها، فلا يزيده النظر إلا لهفة وشوقا، ولا تزيده اللهفة إلا هزالا حتى فني، وذهبت عرائس الماء تطلب رفاته فلم تجد في مكانه غير نرجسة مطرقة ترنو إلى الماء، ولا ترفع بصرها إلى السماء، فالنرجس أبدا مطرق مفتوح العين لا يشبع من النظر إلى خياله على حوافي الجداول والغدران».
وتروى الأسطورة على رواية أخرى، فيقول الرواة: إنه لما لمح طلعته في الماء حسب أنها عروس الينبوع، فألقى بنفسه فيه يحاول أن يمسكها، فغرق ولم يعثر الباحثون عنه على جثمانه، ولكنهم وجدوا في الينبوع نرجسة على مثاله، فغرسوها على حافته، وكانت أبا للزهر الذي يعرف باسمه ويتطبع في عشقه لصورته بطباع أبيه.
ومن غلوهم في عشق «نرجس» لنفسه يزعمون أن حملة الأرواح في نهر الموت، الذي يفصل بين الدنيا والآخرة عجبوا له حين رأوه مطرقا إلى النهر، ولم يزل منهم العجب حتى نظروا حيث ينظر، وعلموا أنه برح الدنيا ولم يبرح مفتونا بخياله كما كان وهو بقيد الحياة.
وللقصة علاقة بقصة أخرى عن عروس من عرائس الأساطير تسمى «الصدى»
Echo ، وترتبط قصتها بقصة نرجس؛ لأنها كانت تهواه.
قالوا: إن هيرا زوجة زيوس أبي الآلهة والأرباب خرجت كعادتها تتجسس على خليلات زوجها، وتتعقب الحور اللائي يسعدن بقربه من ورائها، فلما كانت في بعض الطريق لقيتها عروس الصدى، فشغلتها عن سعيها بثرثرتها وفضولها وحلاوة أحاديثها التي تحكي بها مناجاة ضميرها، فلما غابت عنها نظرت حولها، فإذا بالحور والعرائس الآلهات قد تغفلنها وهي مشغولة مع عروس الصدى، فغضبت على تلك العروس الثرثارة، وقضت عليها أن تعيى بابتداء الكلام، فلا تقدر على النطق إلا ترديدا لما يلقى إليها.
ثم هامت عروس الصدى بنرجس وهو على دأبه من الهيام بنفسه؛ وأبلاها الحب لأنها عجزت عن مفاتحته بغرامها، وكادت تيأس لولا أنها ظفرت به يوما ينادي أحد رفاقه، ويصيح به من بعيد: ألا أحد في هذا المكان؟
فسنحت لها الفرصة وأجابته قائلة في شوق وحنين: أحد في هذا المكان.
قال: هلم.
অজানা পৃষ্ঠা