117

আবু নুওয়াস

أبو نواس: الحسن بن هانئ

জনগুলি

إنها غلبته؛ لأنها جاءته من قبل طبيعته، ونعني بها الطبيعة النرجسية.

فهي الطبيعة التي تزين للنرجسي عادات العرض والظهور، وهذه العقدة النفسية ليست مما يتقبل العرض والظهور؛ لأنها مهينة لصاحبها مذلة له بين قومه، وهي خسة النسب في عصر الأنساب والأحساب.

وربما خطر لبعضهم أن إنسانا مثل أبي نواس في مجونه واستخفافه لا يعيى بمثل هذه العقدة، ولا يتحرج منها وهو لم يتحرج قط من منكر أو رذيلة، لكنه عند النظر إليه خاطر خاطئ لا يثبت على التأمل والمراجعة، فإن احتمال الهوان يهدم النرجسي، ولا يبقي له بقية يعتصم بها، وأما احتمال الملام والنقد فقد يجاري طبيعته إذا كان فيه معنى التحدي ولفت الأنظار، وقد يهزأ النرجسي بالملام والنقد مع علمه برياء اللائمين وتذبذب الناقدين، واعتقاده أنهم مثله في الفجور وإن خالفوه في الظهور.

وينبغي أن نعرف قوة هذه العقدة النفسية في زمان أبي نواس، خاصة قبل أن نعرف السر في غلبتها عليه، وعلاجه لها بإدمان السكر والتهافت على عشرة الندماء.

فالعصر الذي عاش فيه أبو نواس كان معترك الأنساب والأحساب بين كل إنسان، وكل إنسان في الدولة الإسلامية.

هب فيه الشعوبيون يفاخرون العرب، ولا يعترفون لهم بفضل غير فضل النبوة، ثم يغمزون فضلهم هذا بتعييرهم بما جنوه على عترة النبي - عليه السلام - ومفاخرتهم إياهم بانتصارهم لتلك العترة، وتشيعهم لآل البيت من العلويين والعباسيين، ولم يزل هؤلاء الشعوبيون يفخرون على العرب بالحضارة والصناعة، والترف والكياسة حتى قال قائلهم: «لا يفلح العربي إلا ومعه نبي يوحى إليه!»

والعرب أنفسهم كانوا فيما بينهم يتنازعون الفخار بين قطحان وعدنان، أو بين عرب الشمال وعرب الجنوب، وكانت كل قبيلة من القحطانية تفاخر القبائل الأخرى بالكثرة والعزة، وسوابق التاريخ ومكارم الآباء والأبطال، وكذلك كانت تفعل كل قبيلة من قبائل العدنانيين.

بل كان أبناء البيت النبوي العلويين والعباسيين يتنافسون على شرف النسب، ويرى أبناء العباس لإخوتهم شرفا لا يرونه لأبناء علي؛ لأن العباس عم وعليا ابن عم، فيقابلهم أبناء علي بالانتماء إلى فاطمة الزهراء، وهي بنت النبي - عليه السلام.

وتكاد لا تسمع بأحد في ذلك العصر إلا سمعت حوله بفخر نسبه أو بمنازعة له عليه، ولا استثناء في ذلك للخلعاء المتبذلين بل لعلهم أحرص على دعوى النسب من غيرهم على سبيل التعويض والعزاء.

فهذا والبة بن الحباب أستاذ أبي نواس لم يهبط أحد إلى حضيض المهانة والزراية، كما هبط بين سواد الناس وبين زملائه من الشعراء والأدباء، وكان مع هذا يستطيل عليهم بنسبه العربي، ويدعو شاعرا كأبي العتاهية إلى هجوه وإنكار نسبه، والنزول به إلى طبقته، أي: طبقة الموالي المعترفين بحرمانهم من عراقة النسب ومن الأصالة العربية، فيقول له فيما قال:

অজানা পৃষ্ঠা