أمر شاق
وفي إحدى غمضاتها توهمت أنها تسمع ضحكة الضحاك فذعرت وفتحت عينيها، فإذا هو واقف بإزاء عمود الخباء وكأنهما عمودان، فهمت بأن تصيح فيه، ولكنها فطنت لنوم سيدتها، فخشيت أن توقظها وترعبها، فاقتربت منه وقالت بصوت منخفض : «سامحك الله على هذا الغياب.»
فمشى وهو يشير إليها بيديه أن تتبعه، فتبعته حتى خرجا من تلك الغرفة إلى غرفة أخرى ليس فيها نور. وكانت تبطئ في مشيتها، فأمسكها من يدها وشدها وهو يقول: «لا تخافي. لا بأس عليك.»
قالت: «دعني أحمل إليك السراج؛ لأرى وجهك وأسمع حديثك معا.»
فضحك وقال وقد ترك يدها: «ما أشد شوقك لرؤية هذا الوجه! حسنا، هاتي السراج.»
فعادت وهي تمشي على أطراف أصابعها حتى حملت السراج من غرفة جلنار وجاءت به إلى تلك الحجرة، فثبتته بجانب العمود وجلست، فجلس الضحاك - وكان قد أبدل القلنسوة بالعمامة التي يعرفه بها أهل ذلك المعسكر - فابتدرته قائلة: «لقد طال غيابك الليلة، ونحن في قلق، ومولاتي الدهقانة نامت منقبضة النفس على أثر ما رأته من نصرة أبي مسلم لجند الكرماني.»
فقطع الضحاك كلامها وقال: «ألم يقتل الكرماني؟ تلك هي نتيجة تأييده له، وإذا طالت مساعدته لهذا البيت أجهز على أهله واحدا بعد واحد.»
فلم تفهم ريحانة ما قاله، فقالت: «بالله لا تكلمني بالألغاز؛ أفصح.»
قال: «قبحك الله ما أقل فهمك! إلى متى أفهمك وأنت لا تفهمين. إن هذا الخراساني ما تقرب من قوم إلا أبادهم في سبيل مصلحته. لقد أظهر أنه نصير للكرماني حتى يستعين به على صاحب مرو، ولم يكن قصده أن يقتل بسرعة، ولكن الأقدار عجلت به.»
قالت: «إن مولاتنا الدهقانة في قلق شديد بسبب غيابك بعد ما علمته من مقتل الكرماني، فهل أوقظها لسماع حديثك؟»
অজানা পৃষ্ঠা