الفصل السابع عشر
صاحب الخبر
ولبث أبو مسلم هنيهة بعد خروج الضحاك وهو مطرق يفكر فيما سمعه منه، وقد توسم في هذا الرجل غير ما يظهر من مجونه وبلهه، وقال في نفسه: «لا يخلو هذا العربي المهذار من دهاء مستور.» وفكر في أمر جلنار وتعلقها به. وكان قد لحظ ميلها إليه من قبل ولم يعبأ به، فرأى بعد ما سمعه من نصيحة الضحاك أن يغتنم شغفها به لإتمام مقاصده في مهمته. قضى ساعة في نحو ذلك وإذا بالغلام يدخل وقد علق بعنقه جرابا فيه البخور والند، وذر شيئا في الموقد، فلما رآه أبو مسلم تذكر خالدا فصاح فيه: «أين الأمير خالد؟»
فقال: «هو، يا سيدي، في الحديقة يكلم رجلا قادما من سفر.»
فقال: «ادعهما إلي معا.» وقد ترجح عنده أن القادم صاحب الخبر الذي ينتظرونه على مثل الجمر.
وما عتم أن دخل خالد وهو يبتسم ويقول : «لقد جاء صاحب الخبر يا أمير. هل يدخل؟»
قال: «يدخل حالا.» ودعا خالدا للجلوس. وكان أبو مسلم يعتقد في خالد العقل والدهاء، ويخصه بالمشورة، ولا يخفي عنه شيئا. فجلس خالد بجانب أبي مسلم، ثم دخل الرسول وهو لا يزال بملابس السفر عليه العباءة، وعلى رأسه الكوفية فوق القلنسوة. وقد تجمدت العباءة مما تعرضت له من الأمطار والعواصف خلال الليلة الماضية. فلما دخل ألقى التحية ووقف، فقال أبو مسلم: «لعلك هنا من زمن طويل؟»
قال: «منذ ساعة أو ساعتين.»
قال أبو مسلم: «وما الذي أخرك عن الدخول علينا؟»
قال: «كنت في انتظار الإذن.»
অজানা পৃষ্ঠা