আবু মুসলিম খুরাসানি

জুর্জি জায়দান d. 1331 AH
183

আবু মুসলিম খুরাসানি

أبو مسلم الخراساني

জনগুলি

فلما سمعت جلنار اتفاق ريحانة وصالح في الرأي وافقتهما، وقد اقتنع عقلها بصواب رأيهما، ولكن قلبها ظل يتحرك فعمدت إلى السيطرة عليه بالتعقل فقالت: «دعوا المقادير تفعل ما تشاء. فإذا جاءنا حيا سألناه ونظرنا فيما يقوله ، وإذا قتل فلا حيلة لنا فيه. وعلى كل حال فأنا لا أظنه يستطيع الفرار إذا أراده؛ لأن هؤلاء العيارين صنف من الأبالسة لا يفلت منهم طائر ولا هارب.»

وعاد صالح إلى هواجسه، وأراد أن يعرف كيف جاء إبراهيم إلى الكوفة؛ لعله يستطيع بذلك معرفة الغرض الذي يهدف إليه، فقال لريحانة: «كأني سمعتك تذكرين السائس الأبكم مع هذا اليهودي.»

قالت ريحانة: «نعم، قلت لك إنه جاء به معه في عودته من مرو.»

فقال صالح: «وأين هو؟ أحب أن أراه.»

فخرجت ريحانة مسرعة ثم عادت والسائس معها وهو على حاله الذي وصفناه به قبلا، فلما دخل حيا ووقف، فسأله صالح عما تم له في سفره، فأشار بيديه وعينيه أنه وصل إلى مرو ودفع الكتاب إلى سليمان بن كثير، فسأله كيف عرف منزله، فأجاب بأن رجلا يعرفه من قبل دله عليه، فسأله عن شكل ذلك الرجل، وأين عرفه، فأشار أنه قصير القامة، وأنه عرفه للمرة الأولى في بيت مولاه الدهقان يوم نزل أبو مسلم عندهم، فترجح عند صالح أنه إبراهيم بعينه، وأنه لما رأى ذلك السائس يسأل عن ابن كثير، وتذكر أن شاهده في منزل الدهقان، ظنه قادما بمهمة من الدهقانة أو منه، فخشي صالح أن يكون قد اطلع على فحوى الكتاب، فيقع ابن كثير في هوة الشك فيتعرض للقتل، فسأله كيف دفعت الكتاب إلى صاحبه، فأشار أنه دفعه إليه سرا، وكان منفردا في حجرته، فقال: «وماذا فعلت بعد ذلك؟» فأشار إلى خروجه من مرو في صباح اليوم التالي، فلاقاه في أثناء الطريق عراف يهودي صحبه إلى الكوفة ومعه خادمه، وكان يسايره ويركبه أحيانا على بغلته، ويطعمه من طعامه، ونحو ذلك، حتى وصل إلى الكوفة.

فتحقق صالح عند ذلك أنه إبراهيم، وأنه قادم في مهمة سرية من عند أبي مسلم، نبهه إليها مجيء ذلك السائس الجاهل بالكتاب إلى ابن كثير، وأيقن أنه إذا نجا وأبلغ إلى أبي مسلم خبرهم فإنه سيقتلهم ويقتل أبي سلمة لا محالة، فأصبح همه البحث عما أفضت إليه مساعي العيارين في القبض عليه، وقد نفر من رؤية السائس وندم على إنفاذه بتلك الرسالة، فأشار إليه أن يخرج، فلما خرج تقدم صالح إلى جلنار وخاطبها بصوت منخفض كأنه يحاذر أن تسمعه جدران الغرفة وقال: «يظهر أننا أخطأنا في الاعتماد على الخدم والأعوان في شئوننا، فينبغي لنا ألا نثق بأحد، واعلمي يا مولاتي أن العيارين إذا لم يظفروا بذلك اليهودي، فإننا نكون معرضين لخطر شديد.»

فبغتت جلنار، وبدت البغتة في عينيها وقالت: «وكيف ذلك؟»

فقال صالح: «ذلك لأن إبراهيم هذا إنما جاء في مهمة سرية للبحث عنا وعن مقاصدنا، وقد نجح في مهمته نجاحا تاما، فعرف كل شيء عنا وعن هذا المسكين أبي سلمة، وعرف أننا سعينا في مقتل الإمام إبراهيم، فإذا نجا من العيارين ووصل إلى أبي مسلم، فإنه لا يدخر وسعا في السعي في قتلنا، وهو اليوم في ذروة سلطانه، ولا عبرة فيما موه به عليك من الوعد.»

فلم تستطع واحدة منهما أن تعارض هذا الرأي؛ لأنه صحيح لا ريب فيه، فارتبكتا وشعرت جلنار بقلق وخوف وقالت: «لم يكن لنا ملجأ فيما مضى سواك، وأنت اليوم ملجأنا وعوننا؛ فأشر علينا بما تراه.»

فقال صالح: «أرى أولا، وقبل كل شيء، أن نستغني عمن معنا من الخدم، فإذا انتقلنا في مكان كنا وحدنا فقط - أي نحن الثلاثة - فالآن أنا ذاهب للاستفهام عن العيارين وما فعلوه، فإذا تحققت من فشهم عدت إليكما وأخبرتكما بما ينبغي عمله، وإنما أتوسل إليكما أن تكتما ما دار بيننا، وأرغب منك يا ريحانة أن تجمعي ما خف حمله وغلا ثمنه من الأموال، وتهيئي كل شيء حتى نكون على أهبة السفر في أية لحظة أردنا. هل فهمت؟»

অজানা পৃষ্ঠা