83

تنازعني إلى الشهوات نفسي

فلا أنا منجح أبدا، ولا هي

فأسرع التلميذ يمتحن الأستاذ، ويهمس في أذنه قائلا: «وفيم المنازعة ونحن في بلاد الغرب والشيخ قد أفرط في الصيام.»

فقهقه الشيخ وهو يصيح به: إليك عني أيها الخبيث! قد خرجنا من هذه المحنة وصارعنا فيها أستاذك القديم إبليس. والله يعلم أكنا فيها صارعين أو مصروعين! ذلك سر مكتوم وحديث مختوم!

الحكيمان

كان آخر الخطباء في الجمع العظيم يقول:

إنها مصادفة عجيبة ولا ريب. فهل أقول إنها مصادفة سعيدة؟ أخشى أن أغضب الحكيمين المحتفى بهما إذا أنا قلت ذلك، فليس المعري حكيم المشرق ولا شوبنهور حكيم المغرب ممن يدينون بالسعادة، وليس اجتماعهما اليوم في عالم الذكرى من دواعي التفاؤل والاستبشار؛ فالعالم مقبل على خطوب وكروب وأهوال وحروب، ولم يكن مذهب التشاؤم قط أدنى إلى الصدق والإقناع مما كان في هذا العصر المرهوب الجوانب المحذور العواقب، فإذا سعد الحكيمان بتحقيق ما رأياه وإثبات ما قرراه وإنجاز الوعيد وتقريب البعيد، فهو اجتماع سعيد.

غد - وهو الثاني والعشرون من شهر فبراير - هو تمام مائة وخمسين عاما مضت على مولد الإمام الأكبر في مذهب التشاؤم بين الغربيين، وهو أرثر شوبنهور، فما أعجب المصادفة التي جمعت بينه وبين الإمام الأكبر في هذا المذهب، عند الناطقين بالضاد، على ملتقى ألف عام من مولده المجيد إن لم يأذن لنا أن نقول: السعيد.

أنقول إن روح العالم في شدائده وبأسائه قد استحضر روحيهما فحضرا، وقرب بين أفقيهما فاقتربا، أنقول إنها مؤاساة من عالم الخلود لعالم الشقاء والبأساء؟ أنقول إنهما نذيران أو بشيران؟

على أننا نكرم زماننا هذا ونكبره ونرفع من قدره إذا نحن وصفناه بزمان التشاؤم وإن حقق لنا مخاوف المتشائمين.

অজানা পৃষ্ঠা