ومثلك حقا من به تتجمل
والقاضي أبو الطيب المذكور كان أديبا ورعا، عارفا بأصول الفقه وفروعه، صنف في الأصول ومذهب الشافعي والخلاف والجدل - كتبا كثيرة. وكان يقول الشعر على طريقة الفقهاء، وولي القضاء بربع الكرخ ببغداد، ولم يزل عليه إلى أن مات سنة خمسين وأربع مئة، بعد ما عاش مئة سنة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتي ويستدرك على الفقهاء الخطأ، ويقضي، ويحضر المواكب في دار الخلافة. رحمه الله تعالى.
ومن أخبار أبي العلاء قصته مع أسد الدولة صالح بن مرداس صاحب حلب، وقبوله شفاعته في أهل معرة النعمان بعد أن كاد يبطش بهم سنة 417. والسبب في ذلك أن امرأة صاحت يوم الجمعة بجامع المعرة، وذكرت أن صاحب الماخور أراد اغتصابها، فنفر كل من في الجامع وهدموا الماخور، وأخذوا خشبه ونهبوه، وكان الأمير أسد الدولة في نواحي صيدا، فوصل المعرة، وخيم بظاهرها، واعتقل من أعيانها سبعين رجلا برأي وزيره تادرس بن الحسن الأستاذ، وأوهمه أن في ذلك إقامة للهيبة. فشق على المسلمين هذا الأمر، حتى دعوا لهؤلاء المعتقلين على منابر آمد وميارقين. وقطع تادرس عليهم ألف دينار، ففزع أهل المعرة إلى أبي العلاء، وسألوه تلافي الأمر بالخروج إلى الأمير، والتوسط لهم عنده. فخرج من أحد أبواب المدينة، ويده في يد قائده، وأبصره صالح. فرأى شيخا قصيرا يقوده رجل، فقال: هذا أبو العلاء، جيئوني به. فلما مثل بين يديه سلم عليه ثم قال: «الأمير أطال الله بقاءه كالنهار الماتع، قاظ وسطه وطاب إبراده، أو كالسيف القاطع، لان متنه وخشن حداه:
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين . فقال صالح: «لا تثريب عليكم اليوم، قد وهبت لك المعرة وأهلها»، وأمر بتقويض الخيام ورحل. فرجع أبو العلاء وهو يقول:
نجى المعرة من براثن صالح
رب يعافي كل داء معضل
ما كان لي فيها جناح بعوضة
الله ألحفهم جناح تفضل
ورواية اللزوميات في البيت الأول:
نجى المعاشر من براثن صالح
অজানা পৃষ্ঠা