ومن جهة أخرى فإن تأجيل مسألة الامتيازات دعانا إلى الاعتقاد بأنه لم تبق حاجة إلى النص عليها في المعاهدة، وأن المفاوضة بشأنها في المستقبل تكون موكولة إلى مصر صاحبة الشأن الأول مع معاونتها في ذلك سياسيا من جانب حليفتها. ولكن المسألة منظور إليها اليوم كأنها تعني على الأخص بريطانيا العظمى التي تتولى من الآن حماية المصالح الأجنبية، وتريد أن تباشر وحدها عند الاقتضاء المفاوضات بشأن إلغاء الامتيازات.
أما فيما يتعلق بالمندوبين (القوميسيرين) المالي والقضائي، وبتداخلهما في إدارة الشئون الداخلية كلها باسم حماية المصالح الأجنبية تداخلا قد يصل في بعض الأحوال فيما يختص بالمندوب (القوميسير) المالي إلى شل سلطة الحكومة والبرلمان، فإننا لا نريد هنا أن نكرر ما سبق لنا إبداؤه من الاعتراضات في مذكراتنا.
على أنه يتحتم علينا القول بأن المناقشات التي تلت تأجيل مسألة الامتيازات بعثت في نفوسنا الشعور بأن الاتفاق فيما يتعلق بحماية المصالح الأجنبية سيقوم على قواعد أكثر ملاءمة للسيادة المصرية.
أما مسألة السودان التي لم يكن قد تناولها البحث فلا بد لنا فيها من توجيه النظر إلى أن النصوص الخاصة بها لا يمكن التسليم بها من جانبنا؛ فإن هذه النصوص لا تكفل لمصر التمتع بما لها على تلك البلاد من حق السيادة الذي لا نزاع فيه وحق السيطرة على مياه النيل. •••
إن الملاحظات المتقدمة لا تجعل ثمة حاجة إلى مناقشة المشروع تفصيلا؛ إذ فيها ما يكفي للدلالة على روحه ومرماه، وغير هذا فقد التزم المشروع تكرار ذكر تعهدات بريطانيا العظمى و«المسئوليات الخصوصية» الواقعة على المندوب السامي، وكذلك الغرض الجديد - وهو قصد صيانة المصالح الحيوية لمصر - الذي اتخذ سببا لوجود القوة العسكرية، وبهذا تتم للمشروع صيغة الوصاية الفعلية.
إنا لما قبلنا المهمة التي عهد بها إلينا عظمة السلطان كنا نؤمل الوصول إلى إبرام معاهدة تحالف مؤيدة لاستقلال مصر تأييدا حقيقيا، وكفيلة في الوقت نفسه بصيانة المصالح البريطانية، وعندئذ فإن مصر حليفة بريطانيا العظمى كانت تعد من واجبات كرامتها الوفاء بإخلاص بما تقطعه على نفسها من العهود، ولكن التحالف بين أمتين لا يمكن أن يتحقق إلا على شريطة أن لا يقضى على إحداهما بالخضوع الدائم.
وإن روح المسالمة التي سادت مناقشاتنا كانت تسمح لنا بالتفاؤل بنجاح المفاوضات، ولكن المشروع الذي أمامنا لم يحقق هذا الأمل، فهو بحالته لا يجعل محلا للأمل في الوصول إلى اتفاق يحقق أماني مصر الوطنية.
لوندره في 15 نوفمبر سنة 1921 (5) الوثيقتان الجديدتان: كتاب اللورد اللنبي إلى عظمة السلطان
يا صاحب العظمة (1)
أتشرف بأن أعرض لمقام عظمتكم أن الناس قد ذهبوا في تأويل بعض عبارات المذكرة التفسيرية التي قدمتها إلى عظمتكم في الثالث من شهر ديسمبر مذاهب تخالف أفكار الحكومة البريطانية وسياستها، وهو ما آسف له أشد الأسف. (2)
অজানা পৃষ্ঠা