لم تنتظر الجماعة طويلا، فبعد أسبوعين من مقابلته مع جوليان، نزل ليفطر فوجد، ضمن مجموعة الخطابات البريدية المبعثرة على دواسة الباب، ورقة مطوية. كان يعلو الكلمات المطبوعة رسمة دقيقة لسمكة صغيرة تشبه سمكة الرنجة. كانت تبدو كرسمة رسمها طفل؛ لكن أحدا تكبد عناء رسمها. قرأ ثيو مضمون الرسالة أدناها بشفقة حانقة.
إلى شعب بريطانيا
لا نستطيع أن نغض الطرف أكثر من ذلك عن الإساءات التي تحدث في مجتمعنا. إن كان جنسنا في سبيله إلى الموت، فلنمت على الأقل رجالا ونساء أحرارا، بشرا، لا شياطين. نطالب حاكم إنجلترا بما يلي: (1)
إجراء انتخابات عامة وعرض سياساته أمام الشعب. (2)
منح العمال الوافدين حقوق المواطنة كاملة، وفيها حق السكن في بيوتهم الخاصة، واستقدام عائلاتهم، والبقاء في بريطانيا بعد انقضاء مدة عقد خدمتهم. (3)
إيقاف فعاليات راحة الموت. (4)
التوقف عن إرسال المجرمين المدانين إلى مستعمرة جزيرة مان العقابية، وضمان حياة آمنة كريمة لأولئك الذين يعيشون فيها بالفعل. (5)
إيقاف فحوصات الحيوانات المنوية والفحوصات التي تخضع لها النساء الشابات الصحيحات، وإغلاق المحال الإباحية العامة.
السمكات الخمس
صدمته الكلمات من فرط بساطتها ومعقوليتها وجوهرها الإنساني. وتساءل عن السبب وراء أنه كان متأكدا من أن جوليان هي التي كتبتها. لكنها ما كانت ستجدي نفعا. فما الذي تنشده جماعة «السمكات الخمس»؟ أتريد أن يخرج الناس في مسيرات احتجاجية أمام المجالس المحلية أو أن يقتحموا مبنى وزارة الخارجية القديم؟ هذه الجماعة كان ينقصها التنظيم ولم تكن تملك أي أساس للسلطة، ولا المال، ولا خطة واضحة لحملتها. أقصى ما كان يمكنهم أن يطمحوا إلى تحقيقه هو أن يستحثوا الناس على التفكير، وأن يثيروا السخط العام، ويشجعوا الرجال على التخلف عن موعد فحوصات الحيوانات المنوية القادم، وأن يشجعوا النساء على رفض الحضور إلى الفحص الطبي النسائي القادم. وما الفارق الذي سيصنعه ذلك؟ فقد أصبحت الفحوصات تؤدى لمجرد التخلص من الواجب؛ إذ لم يعد ثمة أمل.
অজানা পৃষ্ঠা