122

A Course in Hadith Terminology

دورة تدريبية في مصطلح الحديث

জনগুলি

تعريف ابن الصلاح للحديث الحسن وتقسيمه له يقول ابن الصلاح: وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث، فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان: النوع الأول: الحديث الحسن لذاته. والنوع الثاني: الحديث الحسن لغيره. أي: أن من العلماء من تعرّض لتعريف الحسن لذاته، ومنهم من عرف الحسن لغيره. والحديث الحسن لغيره: هو الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلًا كثير الخطأ، ولا هو متهمًا بالكذب، ويكون متن الحديث قد روي مثله أو نحوه من وجه آخر، فيخرج بذلك عن كونه شاذًا أو منكرًا. وهذا التعريف هو تعريف الترمذي، أو هو المشهور بحد الترمذي للحديث الحسن. فـ ابن الصلاح يقول: إن الحديث الحسن قسمان: قسم يتنزل عليه كلام الترمذي وهو هذا القسم -أي: الحسن لغيره- فهو يقول: هو الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته. أي: أن إسناده فيه راو مستور، -أي: مجهول الحال لا مجهول العين- والإسناد الذي فيه راو مستور يساوي الإسناد الضعيف. ولكن هذا الراوي المستور ليس كثير الغلط والغفلة والخطأ، فهو ضابط، غير أنه مجهول الحال لم يتكلم فيه أحد لا بجرح ولا بتعديل، أي: أن حاله مبهمة غير معروفة، فلم يطعن فيه أو يزكيه أحد، فأمره على الستر، فلا يعرفه أحد، ولم يتكلم فيه أحد لا بخير ولا بشر. فـ الترمذي يقول: إنه ليس كثير الغلط والغفلة والخطأ؛ لأن روايته توافق رواية غيره، وهذا يدل على أنه كان يحفظ ويضبط. ثم يقول: ولا هو متهم بالكذب، ويكون متن الحديث قد روي من وجه آخر مثله أو نحوه، أي: أن يكون متن الحديث الذي رواه ذلك المستور روي من وجه آخر من طريق رجل مستور أيضًا، فلو أتى حديث واحد بإسنادين في كل إسناد منهما راو مستور يختلف عن الراوي الذي قبله، ففي هذه الحالة يرتقي الحديث إلى مرتبة الحسن، فتعريف الترمذي يتنزّل على الحديث الحسن لغيره لا لذاته. فالحسن لغيره هو في أصله حديث ضعيف ضعفًا يسيرًا، ولكن باجتماع الطرق يرتقي من الضعف إلى الحسن لغيره. والنحوية والمثلية مسألة مهمة جدًا في مجال الحديث، فمثله: أي مثله في اللفظ، ونحوه: أي نحوه في المعنى. فلو روى البخاري حديثًا بألفاظ معينة، ورواه بنفس الألفاظ مسلم ففي هذه الحالة أقول: هذا الحديث رواه البخاري، ورواه مسلم بمثله، فإذا اختلفت الألفاظ واتحد المعنى فأقول: هذا الحديث أخرجه البخاري بلفظ كذا وكذا، وهو عند مسلم بنحوه، أي: بمعناه، فالمثلية تفيد تمام المطابقة بين الألفاظ، وأما النحوية فلا تفيد هذا المعنى. فلو كان الحديث ضعيفًا ضعفًا متوسطًا فيجب أن يأتي من عدة طرق، وإن كان ضعيفًا ضعفًا يسيرًا فيكفي أن يأتي من طريقين اثنين، بمعنى لو جاء مثلًا من طريق سيئ الحفظ أو كثير الغلط فلا يرتقي إلى الحسن لغيره إلا إذا أتى من أربع أو خمس طرق حسب المقام؛ حتى تطمئن النفس إلى أن الرواة لم يخطئوا، وإذا كان الراوي مستورًا فيكفي أن يأتي من طريقين اثنين، سواء كان الراوي الآخر مستورًا أو أتى الحديث من وجه آخر مرسلًا، فيدل هذا على صحة مخرج الحديث نفسه. القسم الثاني حسب تعريف ابن الصلاح: أن يكون راوي الحديث من المشهورين بالصدق والأمانة، ولم يبلغ درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان. فالحديث الحسن لذاته ينزل راويه من مرتبة الثقة إلى مرتبة الصدوق، والأمانة المقصود بها هنا العدالة -فالأمانة خاصة بالعدالة، وأما الصدق فخاص بالضبط- أي: ينزل من رتبة ثقة إلى رتبة صدوق، أي: ينزل عن رتبة الحديث الصحيح إلى رتبة الحسن لذاته. ولا يُعد ما ينفرد به منكرًا، فلو انفرد هذا الراوي الذي هذه أوصافه لا يُقال: هذا الحديث منكر، وإنما يقال: حديث حسن لذاته، ولا يقال: ضعيف؛ لأنه مشهور بالصدق والأمانة وإن كان دون مرتبة الصحيح، والذي ينزل عن مرتبة الصحيح تبقى مرتبته في الحديث الحسن لذاته. ولا يكون المتن شاذًا ولا معللًا، وعلى هذا يتنزل كلام الخطابي. وهو الحديث الحسن لذاته. وهذا يوازي تعريف ابن حجر للحديث الحسن لذاته. فهذا التعريف كله جمعه الحافظ في قوله: فإن خف الضبط فالحسن لذاته.

5 / 6