الزهد لابن أبي الدنيا

ابن أبي الدنيا ت. 281 هجري
79

الزهد لابن أبي الدنيا

الناشر

دار ابن كثير

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

التصوف
٢٢٤ - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ يَعْلَى، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَيْسَ مِنْ حُبِّكَ الدُّنْيَا طَلَبُكَ مَا يُصْلِحُكَ فِيهَا، وَمِنْ زُهْدِكَ فِيهَا تَرْكُ الْحَاجَةِ يَسُدُّهَا عَنْكَ تَرْكُهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَسَرَّتْهُ ذَهَبَ خَوْفُ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ
٢٢٥ - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ لُقْمَانَ، قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ يَغْرَقُ فِيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحَشْوُهَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَشِرَاعُهَا التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ لَعَلَّكَ تَنْجُو، وَمَا أَرَاكَ بِنَاجٍ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدَوِيُّ: [البحر الطويل] وَمَا زَالَتِ الدُّنْيَا يَخُونُ نَعِيمُهَا ... وَتُصْبِحُ بِالْأَمْرِ الْعَظِيمِ تَمَخَّضُ مَحَلَّةُ أَضْيَافٍ وَمُنْزِلُ غُرْبَةٍ ... تَهَافَتُ مِنْ حَافَاتِهَا وَتَنَفَّضُ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدَوِيُّ أَيْضًا: أَرَى النَّاسَ أَضْيَافًا أَنَاخُوا بِغُرْبَةٍ ... تَقَلِّبُهُمْ أَيَّامُهَا وَتُقَلِّبُ بِدَارِ غُرُورٍ حُلْوَةٍ يَرْغَثُونَهَا ... وَقَدْ عَايَنُوا مِنْهَا الزَّوَالَ وَجَرَّبُوا تَسُرُّهُمْ طَوْرًا وَطَوْرًا تُذِيقُهُمْ ... مَضِيضَ مَكَاوِي حَرُّهَا يَتَلَهَّبُ يَذُمُّونَ دُنْيَا لَا يُرِيحُونَ دَرَّهَا ... فَلَمْ أَرَ كَالدُّنْيَا تُذَمُّ وَتُحْلَبُ ⦗١١١⦘ لَهَا دَرَّةٌ تُصْبِي الْحَلِيمَ وَتَحْتَهَا ... مِنَ الْمَوْتِ سُمٌّ مُجْهِزٌ حِينَ يُشْرَبُ وَقَدِ اخْتَرْتُ ذَا الْجَمِيلِ لَا دَرَّ دَرُّهَا ... فَأَصْبَحَ فِي جَدٍّ وَأَصْبَحَ يَلْعَبُ وَكُلُّهُمْ حَيْرَانُ يُكْذِبُ قَوْلَهُ ... بِفِعْلٍ وَخَيْرُ الْقَوْلِ مَا لَا يُكَذَّبُ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: يَا مَعْشَرَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا لَكُمْ فِي الظَّاهِرِ اسْمُ الْغِنَى، وَلِأَهْلِ التَّقَلُّلِ نَفْسُ هَذَا الْمَعْنَى، حُرِمْتُمُ التَّفَكُّهَ بِمَا حَوَتْهُ أَيْدِيكُمْ لِفَادِحِ التَّعَبِ، وَعُوِّضْتُمْ فِيهِ خَوْفَ نُزُولِ الْفَجَائِعِ بِهِ، وَارْتِقَابَ وُصُولِ الْآفَاتِ إِلَيْهِ، خُدِعْتُمْ وَمَالَتِ الْمَقَادِيرُ عَنْ حَظِّكُمْ، وَأَبَتِ الدُّنْيَا أَنْ تُسَوِّغَكُمْ حَلَاوَةَ مَا اسْتَدَرَّ لَكُمْ مِنْ ضَرْعِهَا، حَتَّى وَكَّلَتْكُمْ بِطَلَبِ سِوَاهُ، لِتُمَتِّعَكُمْ مِمَّا حَصَلَ مِنْهَا لَكُمْ، وَتَصُدَّكُمْ عَنِ التَّمَتُّعِ بِهِ بِإِشْغَالِكُمْ بِمُسْتَأْنَفٍ تُجْهِدُونَ فِيهِ أَنْفُسَكُمْ مِمَّا يَعِزُّ مَطْلَبُهُ عَلَيْكُمْ، وَتَبْذُلُونَ فِيهِ رَاحِلَتَكُمْ، فَإِنْ وَصَلْتُمْ إِلَيْهِ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ مِنَ الْمُدَّخَرِ، وَأَنْشَأَتْ لَكُمْ وَطَرًا فِي غَيْرُهُ آخَرُ، كَذَلِكَ أَنْتُمْ وَهِيَ مَا صَحِبْتُمُوهَا بِالرَّغْبَةِ مِنْكُمْ فِيهَا

1 / 110