الزهد لابن أبي الدنيا
الناشر
دار ابن كثير
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
التصوف
٣٦٨ - وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ زُفَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يُنْشِدُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حِطَّانَ:
[البحر الطويل]
أَرَى أَشْقِيَاءَ النَّاسِ لَا يَسْأَمُونَهَا ... عَلَى أَنَّهُمْ فِيهَا عُرَاةٌ وَجُوَّعُ
أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تُحِبُّ كَأَنَّهَا ... سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَلِيلٍ تَقَشَّعُ
٣٦٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يَحْزَنُ عَلَى نُقْصَانِ مَالِهِ، وَلَا يَحْزَنُ عَلَى فَنَاءِ عُمْرِهِ، وَعَجِبْتُ مِمَّنِ الدُّنْيَا مُوَلِّيَةٌ عَنْهُ وَالْآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ إِلَيْهِ، يَشْتَغِلُ بِالْمُدْبِرَةِ، وَيُعْرِضُ عَنِ الْمُقْبِلَةِ
٣٧٠ - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارِكُمْ، دَارٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْفَنَاءَ، وَكَتَبَ عَلَى أَهْلِهَا مِنْهَا الظَّعْنَ، فَكَمْ عَامِرٌ مُونِقٌ عَمَّا قَلِيلٍ يُخَرِّبُ، وَكَمْ مُقِيمٌ مُغْتَبِطٌ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَنُ، فَأَحْسِنُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْهَا الرِّحْلَةَ بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ النُّقْلَةِ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، إِنَّمَا الدُّنْيَا كَفَيْءِ ظِلَالٍ قَلَصَ فَذَهَبَ، بَيْنَمَا ابْنُ آدَمَ فِي الدُّنْيَا يُنَافِسُ فِيهَا قَرِيرَ الْعَيْنِ قَانِعًا، إِذْ دَعَاهُ اللَّهُ بِقَدَرِهِ، وَرَمَاهُ بِيَوْمِ حَتْفِهِ، فَسَلَبَهُ آثَارَهُ وَدُنْيَاهُ، ⦗١٧٠⦘ وَصَيَّرَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ مَصَانِعَهُ وَمَغْنَاهُ، إِنَّ الدُّنْيَا لَا تَسُرُّ بِقَدْرِ مَا تَضُرُّ، إِنَّهَا تَسُرُّ قَلِيلًا، وَتُحْزِنُ حُزْنًا طَوِيلًا "
1 / 169