الأرض، قاله ابن عباس وابن جبير والزجاج. والثاني: أنه من الأدمة في اللون، قاله الضحاك والنضر بن شميل وقطرب. وفي الأسماء التي علَّمه قولان: أحدهما: أنه علمه كل الأسماء، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة. والثاني: أنه علمه أسماء معدودة لمسميات مخصوصة. ثم فيها أربعة أقوال: أحدها: أنه علمه أسماء الملائكة، قاله أبو العالية. والثاني: أنه علَّمه أسماء الأجناس دون أنواعها، كقولك: إِنسان وملك وجني وطائر، قاله عكرمة. والثالث: أنه علمه أسماء ما خلق في الأرض من الدواب والهوام والطير، قاله الكلبي ومقاتل ابن قتيبة. والرابع: أنه علمه أسماء ذريته، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: ثُمَّ عَرَضَهُمْ. يريد: أعيان الخلق على الملائكة، قال ابن عباس: الملائكة هاهنا:
هم الذين كانوا مع إبليس خاصة. قوله تعالى: أَنْبِئُونِي: أخبروني. قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فيه قولان: أحدهما: إن كنتم صادقين أني لا أخلق خلقا هو أفضل منكم وأعلم، قاله الحسن. والثاني: أني أجعل فيها من يفسد فيها، قاله السدي عن أشياخه.
[سورة البقرة (٢): آية ٣٢]
قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)
قوله تعالى: قالُوا سُبْحانَكَ. قال الزجاج «١»: لا اختلاف بين أهل اللغة أن التسبيح هو:
التنزيه لله تعالى عن كل سوء. والعليم بمعنى: العالم جاء على بناء «فعيل» للمبالغة.
وفي الحكيم قولان: أحدهما: أنه بمعنى الحاكم، قاله ابن قتيبة «٢» . والثاني: المحكم للأشياء، قاله الخطّابيّ «٣» .
[سورة البقرة (٢): آية ٣٣]
قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)
قوله تعالى: قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، أي: أخبرهم، وروي عن ابن عباس: «أنبئهم» بكسر الهاء، قال أبو علي: قراءة الجمهور على الأصل، لأن أصل هذا الضمير أن تكون الهاء مضمومة فيه، ألا ترى أنك تقول: ضربهم وأبناءهم، وهذا لهم. ومن كسر أتبع كسر الهاء التي قبلها وهي كسرة الباء.
والهاء والميم تعود على الملائكة. وفي الهاء والميم من «أسمائهم» قولان: أحدهما: أنها تعود على المخلوقات التي عرضها، قاله الأكثرون. والثاني: أنها تعود على الملائكة، قاله الربيع بن أنس. وفي الذي أبدوه قولان: أحدهما: أنه قولهم: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، ذكره السدي عن أشياخه.
والثاني: أنه ما أظهروه من السمع والطاعة لله حين مروا على جسد آدم، فقال إبليس: إن فضّل عليكم هذا ما تصنعون؟ فقالوا: نطيع ربنا، فقال إبليس في نفسه: لئن فضّلت عليه لأهلكنه، ولئن فضّل عليّ
_________
(١) هو إبراهيم بن السّري أبو إسحاق الزجاج عالم بالنحو واللغة من كتبه «معاني القرآن» توفي سنة ٣١١.
(٢) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري توفي سنة ٢٧٦.
(٣) هو الإمام العلّامة حمد، ويقال: أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي من مؤلفاته «بيان إعجاز القرآن الكريم» توفي سنة ٣٨٨.
1 / 53