27

زاد المسير

محقق

عبد الرزاق المهدي

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢ هـ

مكان النشر

بيروت

الذين كانوا يظهرون للنبيّ ﷺ من الإيمان ما يلقون رؤساءهم بضدّه، قاله الحسن. فأما التفسير: ف «إلى»: بمعنى «مع»، كقوله تعالى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ «١» أي: مع الله. والشياطين: جمع شيطان، قال الخليل: كل متمرّد عند العرب شيطان. وفي هذا الاسم قولان: أحدهما: أنه من شطن، أي: بعد عن الخير، فعلى هذا تكون النون أصليَّة. قال أميَّة بن أبي الصَّلت في صفة سليمان ﵇: أيما شاطنٍ عصاه عكاه ... ثم يُلقى في السّجن والأغلال عكاه: أوثقه. وقال النابغة: نأت بسعاد عنك نوىً شطون ... فبانت والفؤاد بها رهين والثاني: أنه من شاط يشيط: إِذا التهب واحترق، فتكون النون زائدة. وأنشدوا: وقد يشيط على أرماحنا البطل «٢» أي: يهلك. وفي المراد: بشياطينهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم رؤوسهم في الكفر، قاله ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، والسّدي. والثاني: إِخوانهم من المشركين، قاله أبو العالية، ومجاهد. والثالث: كهنتهم، قاله الضَّحاك، والكلبي. قوله تعالى: إِنَّا مَعَكُمْ. فيه قولان: أحدهما: أنَّهم أرادوا: إنا معكم على دينكم. والثاني: إِنا معكم على النّصرة والمعاضدة. والهزء: السّخرية. [سورة البقرة (٢): آية ١٥] اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ. اختلف العلماء في المراد، باستهزاء الله بهم على تسعة أقوال: أحدها: أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار، فيسرعون إليه فيغلق، ثم يفتح لهم باب آخر، فيسرعون فيغلق، فيضحك منهم المؤمنون. روي عن ابن عباس. والثاني: أنه إذا كان يوم القيامة جمدت النَّار لهم كما تجمد الإِهالة «٣» في القدر، فيمشون فتنخسف بهم. روي عن الحسن البصري. والثالث: أن الاستهزاء بهم: إذا ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، فيبقون في الظلمة، فيقال لهم: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا «٤»، قاله مقاتل. والرابع: أن المراد به: يجازيهم على استهزائهم، فقوبل اللفظ بمثله لفظًا وإن خالفه معنى، فهو كقوله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «٥»، وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «٦» . وقال عمرو بن كلثوم:

(١) الصف: ١٤. (٢) هو عجز بيت للأعشى وصدره: قد نخضب العير في مكنون فائله. - وانظر «المعجم المفصل» . والفائل: عرق من الفخذ يكون في خربة الورك ينحدر في الرجلين، ومكنون فائله: دمه الذي كنّ فيه. وأراد: إنا حذّاق بالطعن. (٣) الإهالة: الشحم. (٤) الحديد: ١٣. (٥) الشورى: ٤٠. (٦) البقرة: ١٩٤. [.....]

1 / 34