يقظة أولي الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار
محقق
د. أحمد حجازي السقا
الناشر
مكتبة عاطف-دار الأنصار
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٩٨ - ١٩٨٧
مكان النشر
القاهرة
فَإِن قلت أَن قَوْله فى هَذَا الحَدِيث فى الْفرْقَة النَّاجِية هى الْجَمَاعَة وَقَوله فى حَدِيث آخر وهى مَا أَنا عَلَيْهِ واصحابى قلت هَذَا التَّعْيِين وَإِن قلل شَيْئا من ذَلِك التخويف والتنفير لَكِن قد تعاورت هَذِه الْفرْقَة المعنية الدَّعَاوَى وتناوبتها الأمانى فَكل طَائِفَة من طوائف تدعى لنَفسهَا أَنَّهَا الْجَمَاعَة وَأَنَّهَا الظافرة بِمَا كَانَ عَلَيْهِ النبى ﷺ وَأَنَّهُمْ الَّذين لَا يزَالُوا على الْحق ظَاهِرين
فان قلت أَن معرفَة الْجَمَاعَة وَمَعْرِفَة المتصفين بموافقة مَا كَانَ عَلَيْهِ النبى ﷺ وَأَصْحَابه مُمكنَة وَمن ادّعى من المبتدعة اثبات ذَلِك الْوَصْف لنَفسِهِ فدعواه مَرْدُودَة عَلَيْهِ مَضْرُوب فيبها فى وَجهه قلت نعم وَلَكِن لَيْسَ هَا هُنَا حجَّة شَرْعِيَّة توجب علينا الْمصير إِلَى هَذَا التَّعْيِين وتلجئنا إِلَى تكلّف تعْيين الْفرق الهالكة وتعدادها فرقة فرقة كَمَا فعله كثير من المتكفلين للْكَلَام على هَذَا الحَدِيث
وَأما أَنه هَل يدل هَذَا الحَدِيث على الِافْتِرَاق قَدِيما وحديثا أم على زمَان مَخْصُوص فَالْجَوَاب عَنهُ أَن الِافْتِرَاق لما كَانَ مَنْسُوبا إِلَى الْأمة حَيْثُ قَالَ ﷺ تفترق أمتى على ثَلَاث وَسبعين فرقة كَمَا فى حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَكَذَلِكَ قَوْله فى حَدِيث مُعَاوِيَة الْمَذْكُور وَإِن هَذِه الْملَّة سَتَفْتَرِقُ على ثَلَاث وَسبعين كَانَ ذَلِك صَادِقا على هَذِه الْأمة بأسرها وعَلى هَذِه الْأمة أَولهَا وَآخِرهَا من دون تَخْصِيص بِبَعْض مِنْهَا دون بعض وَلَا بعصر دون عصر فَأفَاد ذَلِك أَن هَذَا الِافْتِرَاق الْمُنْتَهى إِلَى ثَلَاث وَسبعين فرقة كَائِن فى جمع هَذِه الْأمة من اولها إِلَى آخرهَا وَمن زعم اخْتِصَاص ذَلِك بِأَهْل عصر من العصور أَو بطَائفَة من الطوائف فقد خَالف الظَّاهِر بِلَا سَبَب يقتضى ذَلِك
وَأما أَنَّهَا قد ثبتَتْ نجاة الصَّحَابَة فَهَل يدل على أَنهم لم يَخْتَلِفُوا فى
1 / 208