واستأذنه في الانكفاء إلى وطنه ريثما يجمع متفرق الأهبة، وينظم «1» منتثر العدة، ثم يواجه الخطب بجد جديد، [وحد حديد] «2»، وبأس شديد، ورجال يموجون في بحار من حديد. فأذن له وصرفه، وأمر له من الخلع الفاخرة، والأحبية «3» الباهرة، بما ضاهى «4» جلالة قدره، وأكد «5» الثقة بصادق وعده.
ورجع كل منهما إلى مكانه، وأقبل على استصلاح شأنه، ومحادثة [55 ب] سيفه وسنانه. وورد على أبي علي من ذلك ما أبهم [عليه وجه التدبير، وسد] «6» عليه باب التقديم والتأخير. وجعل الرأي شورى بين أصحابه، فيما كشر له الأمر عن نابه. فكانت زبدة مخضهم مكاتبة فخر الدولة، ومعاقدته وموادته ومعاهدته، وتأثيل حال في جانبه، ترجي ليوم العثار، ونائبات الليل والنهار. فأرسل إليه أبا جعفر بن ذي القرنين بما أعرض من تحف خراسان، وأفرد الصاحب «7» بمثل ذلك، طمعا في حصول الغرض المقصود، من الإنجاد «8» على يده، وبحسن سفارته ووساطته.
وحدثني أبو جعفر أنه دخل على الصاحب فعرض عليه ما كان صحبه، ثم قال له مخاطبا عن صاحبه: مثلنا في حمل هذا التافه الطفيف «9» إلى الصاحب الجليل مثل من يستبضع التمر إلى هجر. فقال الصاحب: قد ينقل التمر من مدينة الرسول إلى هجر لا للحاجة إليه، ولكن للتبرك به.
صفحة ١٠٦