فكان تأثيره فيه «1» تأثير الرخاء «2» في الصخرة الصماء، لا خدش ولا حك، ولا شق ولا شك، وفرش خلال ذلك فراش «3» الدالة «4»، والاقتراح يستزيد الرضا بإكرامه «5» في المخاطبة على ما كان يخاطب به أبوه وغيره من أصحاب الجيوش به. ثم لم يرض بذلك حتى اقترح الجمع له بين التلقيب والتكنية على العنوان، منسوب الولاء إلى أمير المؤمنين وإنما ولاؤه لآل سامان. وقابل الرضا جميع ذلك بالإيجاب، ووفاه بما اشتهاه من شريف الخطاب.
وقد كان يقترح ذات يوم على لسان خادم للرضا ورد عليه رسولا يعرف بأرسطاطاليس أيام مقامه بآمل الشط، زيادة على المبذول له تجرى مجرى الشطط والمحال. فقال «6» أيها الأمير: إن ذلك السلطان اليوم، بحيث لو اقترحت عليه مخاطبتك بالتأمير لفعل، ولكن وراء اليوم غد، فاختر لنفسك ما هو أجمل بك، وأزكى في الأحدوثة عنك «7». فكادت «8» عند ذلك العيون أن تصوب «9»، والقلوب أن تذوب. واستمرت القسوة به فلم يزد على وعد [53 أ] مطال «10»، وتسويف ومطال «11»، لا جرم أن الله تعالى كفى الرضا شغل مادهاه، ونصره وآواه، وأعاده إلى خطته ومثواه، وختم بالخير عقباه، وأسلم الغادر لما اكتسبت يداه، وما الله بظلام للعبيد.
صفحة ١٠١