وكان الأمير الماضي «1» - أنار الله برهانه- يرى الدنيا بعينه «2» [6 ب] ويسمع بأذنه، وينطق بلسانه، ويستحلي مذاق العيش به، ويستطيب روح الهواء بقربه، ويستفتح مغالق الأمور بيمنه، ويستحمد عواقب الخطوب باسمه. ولم يزل بين سحره ونحره، إلى أن استنزلته رؤية البلوغ، وبصيرة الإدراك عن حجره «3».
ولم ينفك يتدرج بين ألطافه وكراماته، وولاياته وإقطاعاته، من رتبة إلى أخرى أعلى منها مكانا وأرفع شأنا، إلى أن ولي قيادة الجيوش والعساكر بخراسان، وهي الرتبة التي طالما تناحر [عليها كباش] «4» الرجال، وقروم الأبطال، فلم يحظ بها إلا العدد اليسير الذين «5» سار ذكرهم في الآفاق، وتسامع بهم رجالات خراسان والعراق، سناء وقدرا، ودهاء ونكرا، ومهابة وحشمة، ونباهة ونعمة. هذا على طراءة «6» سنه، ونضارة غصنه، وعنفوان أمره، وريعان شبابه وعمره «7»، [كما قال الكميت] «8»:
صفحة ١١