فلما وصل الكتاب إليه، أحس بأمارة الشر، ودلالة الختل والختر «5»، وعلم أن ذلك فاتحة الخطب عليه، والتشفي منه، والوضع من قدره، والثلم في جاهه ومحله، فاستحضر وجوه القواد، وأعيان الحشم والأجناد، وعرض عليهم الكتاب، وعرفهم دأبه وديدنه في طاعة سلطانه ومناصحته، و[34 أ] الإخلاص لدولته، والذب عن حوزته، والشكر لما وسعه قديما وحديثا من نعمته، وإقباله مدة مصاحبتهم إياه عليهم بحسن رعايته، ورفق زعامته، وإيالته نيابة عنهم في تنجز أوطارهم «1»، وتزيين مساعيهم وآثارهم، ومواساة لهم بما اتسعت له يده من خاص ماله، وحاضر ملكه، وأنه يومه ذلك في نفسه ومهجته مقصود ، وعن باب مالكه وولي نعمته مردود. وأنه «2» لا منع من جهته لأحد منهم عن رأيه واختياره في معاودة بخارى أو اللحاق بأي جانب شاء، فليختر كل منهم ما أحب غير منازع في قصده، ولا مدافع عن وجهه. فاستمهلوه ريثما يعلمون من ورائهم من أهل العسكر صورة الحال، ويعرفون ما عندهم من الرأي في المقام أو «3» الارتحال.
صفحة ٦٩