392

ووصل ثامن شعبان إلى قنوج، وقد فارقها راجيبال «13» حين سمع بإقدامه، فراق من لا يرى الهزيمة عنه عارا، ولا يعتد الفضيحة بها شنارا. وعبر السلطان الماء المسمى گنگ «1»، وهو الذي يتواصف الهنود قدره وشرفه، ويرون من عين الخلد في «2» السماء مفترقه. إن أحرق منهم ميت ذروه فيه بعظامه، وظنوه طهرة لآثامه. وربما أتاه الناسك من بعيد فغرق نفسه فيه، يرى أن ذلك ينجيه، وهو في العاجل يرديه، وفي الآجل يصليه ويخزيه، ثم لا يميته ولا يحييه.

وتتبع السلطان [223 ب] قلاع قنوج «3» فإذا هي سبع موضوعة على الماء المذكور، كالبحر «4» المسجور. وفيها قريب من عشرة آلاف بيت للأصنام «5»، يزعم المشركون أنها متوارثة منذ مائتي ألف سنة إلى ثلاثمائة ألف سنة، كذبا وزورا، وقولا موزورا، وعدولا عن سنن الهدى وكفورا. وبحسب قدمتها كانت عبادتهم لها، وإجهاشهم بالدعوات إليها. وقد شرد عنها أكثر أهلها خيفة الأيم واليتم، وحلول النكير بآلهتهم الصم البكم، فمن بين ناج أغاثه نجاؤه، وثاو أباده ثواؤه «6»، ولم ينجه من سيوف الحق أرضه ولا سماؤه، ففتحها كلها في يوم واحد، ثم أباحها لأهل عسكره يتناهبونها طلقا «7» حلالا، ويتناوبونها وقما «8» وإذلالا.

صفحة ٤٠٨