قد كان انتقل الملك إليه سنة خمس وستين وثلثمائة، واجتمع أولياؤه وحشمه على بيعته، بعد أموال عظيمة أطلقت، وعشرينيات «5» فرقت، حتى تبدد شمل الأموال التي كان وزراء السامانية من قبل [19 ب] يكدحون لها، ويدأبون لجمعها، كأبي الفضل البلعمي «1»، وأبي جعفر العتبي «2»، ومن كان ينتصب منصبهما في الوزارة، وتدبير أمور المملكة.
وكان أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور «3» إذ ذاك صاحب الجيش بنيسابور، فتلطف له في الرضا به، وعقد البيعة له على صغر سنه وحداثته. وضوعفت له الصلات المطلقة لأمثاله من أركان الدولة حتى لانت عريكته، وتمت بيعته، وفوضت الوزارة إلى أبي الحسين «4» العتبي [رحمه الله] «5»، فقام «6» على ميعة شبابه بالأمر قيام الحدب «7» الشفيق، وكفله بمناصحته كفالة المؤيد بالنصر والتوفيق، حتى استقامت بحسن تدبيره الأمور، وانشرحت الصدور، وانسدت الثغور، واستطارت هيبة تلك الدولة شرقا وغربا، وبعدا وقربا.
وكان الأمير عضد الدولة وتاج الملة «8» على جلالة قدره، ونباهة ذكره، ومناعة جانبه، وخشونة حده، يتوخى رضاه فيما يحتكم عليه من المطالب التي تختص بولايته.
صفحة ٣٨