وأرسل معه بمسألته وحاجته دليلين يعدلان به عن التعسف «6»، ويقفان به على القصد في المنصرف. وبعث معه بعدة من ثقاته لتسلم الأماكن المشروطة منه، فلما أوغل به المسير، ورأى أنه قد خف عنه الطلب، واسترخى به اللبب «7»، حدثه خبث الضمير بالإخلاف، وأركسه عجز الرأي في استئناف الخلاف، واعتقل من كان في صحبته بدلا عمن رهنهم من عشيرته. وقدر الأمير أن الذي بلغه من أمره إرجاف «8» يردفه خلاف وباطل، ليس له حاصل، إلى أن تناصرت به الأنباء، فبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وعلم أن الله تعالى قد طبع على قلبه، وحال بينه وبين رشده، ليحيق به وبال أمره، ويحق عليه مآل كفره، وشحذ عزيمته لغزو بلاده، وتخليصها عن خبث خبثه وفساده «1»، ونهض في الكماة من غلمانه، والحماة من رفقائه وأعوانه، متوكلا على الله وحده، ومتنجزا «2» في النصر وعده. [17 ب] وسار حتى اقتحم بهم ديار الهند، فلم يبرز له بارز من أعوان چيبال وجيوشه إلا أوسعهم طحنا «3»، واستلحمهم ضربا وطعنا.
وقصد لمغان «4» وهي كورة بحصانة الأطراف، وغزارة الإخلاف «5» مشهورة، فافتتحها عنوة واقتدارا، وأضرم بعضها على الكفار نارا، وهدم بيوت الأصنام، وأقام فيها شعار الإسلام، ومضى عنها قدما يفتتح البلاد، ويقتل الأنجاس والأوغاد، حتى أذل المشركين، وشفى صدور قوم مؤمنين.
ولما أرمى على الغاية في النكاية، وأربى على قدر الإمكان في الإثخان، وبردت يده وأيدي أوليائه بما يغمر العد والحد من كرائم الأموال وغنائم تلك البلاد، عطف الأعنة وراءه، كريم الظفر، [حميد الأثر] «6»، ميمون الورد والصدر.
وتطايرت كتبه إلى الآفاق بذكر ما فتح الله للإسلام على يده، فاشترك الناس خاصة وعامة في الارتياح له، والانشراح لموقعه، والشكر لله على ما أتاحه فيه من صنعه.
صفحة ٣٤