ووعدهم أن يكونوا يوم العدل، والقضاء الفصل، شهداء على من يظهر الجحود، وينكر الواحد [3 أ] المعبود. قال تعالى وهو أصدق القائلين، وأحكم الحاكمين: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا «1»، فنسخت بشريعته الشرائع، وبصنيعته الصنائع، وبدليله الأدلة، وببدره الأقمار والأهلة، وانتشرت نبوءته مسداة بالخلاص، ملحمة بالإخلاص، معلمة بالتمام، مطرزة بالدوام، على تعاقب الليالي والأيام، لم يفرط فيها من شى ء يقتضي تاما، ويستدعي رؤبة ولحاما «2»، قال الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا «3» فأطلق على الدين لفظ الكمال، لاستقامته على غاية الاعتدال، وانتفائه عن عوارض النقص والاختلال، إلى أن قبضه الله جل ذكره إليه مشكور السعي والأثر، ممدوح النصر والظفر، مرضي السمع والبصر، محمود العيان والخبر، فاستخلف في أمته الثقلين: كتاب الله وعترته «4» اللذين يحميان الأقدام أن تزل، والأحلام أن تضل، والقلوب أن تمرض، والشكوك أن تعترض، فمن تمسك بهما، فقد أمن من العثار، وربح اليسار، ومن صدف «5» عنهما فقد أساء الاختيار، وركب الخسار، وارتدف الإدبار [3 ب] أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين «6»، فصلى الله عليه وعلى آله ما انبلج عن الليل الصباح «7»، واقترن العز بأطراف الرماح، ونادى المنادي بحي على الفلاح، صلاة تكافى ء حسن بلائه، وتضاهي سابق غنائه، وتقضي فرض طاعته، وتقتضي فرض شفاعته، وسلم تسليما. وبعد:
صفحة ٥