وقفل صاحب الجيش أبو المظفر [102 أ] وقد أعلى الله كعبه، ورفع قدره، وأطعمه نصره، وأطار بين الخافقين ذكره. وأنشدني أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي لنفسه فيه يذكر ما أتيح له من هذا الفتح الرائع منظره، الشائع في الآفاق خبره:
تبلجت الأيام عن غرة الدهر ... وحلت بأهل البغي قاصمة الظهر
وولى بنو الإدبار أدبارهم وقد «1» ... تحكم فيهم صاحب الدهر بالقهر
وقد جاء نصر الله والفتح مقبلا ... إلى الملك المنصور سيدنا نصر
غياث الورى شمس الزمان وبدره «2» ... ومن هو بالعلياء أولى أولي الأمر
فيالك من فتح غدا زينة العلى ... وواسطة الدنيا وفائدة العصر
أبى الله إلا نصر نصر ورفعه ... على قمة العيوق «3» أو هامة البدر
وملكه صدر السرير كأنه ... لنا فلك بالخير أو ضده يجري
وخوله دون الملوك محاسنا ... تبر على الشمس المنيرة والقطر
إذا ذكرت فاح الندي بذكرها ... كما فاح أذكى الند في وهج الجمر
فتى السن كهل الحلم والرأي والحجا ... يعم بني الآمال بالنائل الغمر
له همة لما حسبت علوها ... حسبت الثريا في الثرى أبدا تسري
غدا راعيا للمسلمين وناصرا ... له الله راع قد تكفل بالنصر [102 ب]
ألا أيها الملك الذي ترك العدى ... عباديد «4» بين القتل والكسر والأسر
قدمت قدوم الغيث أيمن مقدم ... فحليت وجه الدهر بالحسن والبشر
صفحة ١٨٨