وأما الأمير سبكتكين فقد كان عهد إلى ولده إسماعيل، واستخلفه على أعماله، وأوصى إليه بأمور أولاده وعياله، وجمع وجوه قواده وحجابه على طاعته ومتابعته، والرضا بإيالته وولايته، فلما طرق الناعي به، تبادروا إلى عقد البيعة له، وإمضاء الوصية فيه. واستقر إسماعيل بعد [79 أ] قضاء المأتم على سرير الإمارة، وأمر بفض الختوم عن بيت الخزانة، وصب الأموال حتى أرضى الرجال.
وأما فخر الدولة فإن عسكر الديلم اجتمعوا على ولده الأمير «1» أبي طالب رستم ابن فخر الدولة، ففوضوا الأمر إليه، وحفظوا نظام الملك عليه، ولقبه الخليفة «2» بمجد الدولة وكهف الملة. وسيأتي بيان حال كل واحد منهم في موضعه على الأثر.
وأنشدني أبو منصور الثعالبي لنفسه في عجائب هذه السنة، وتبدل أحوالها، وتفاني أمرائها قصيدة «3» منها هذه الأبيات:
ألم تر مذ عامين «4» أملاك عصرنا ... يصيح بهم للموت والقتل صائح
فنوح بن منصور حوته يد الردى ... على حسرات ضمنتها الجوانح
ويا بؤس منصور وفي يوم سرخس ... تمزق عنه ملكه وهو طائح
وفرق عنه الشمل بالسمل فاغتدى ... أسيرا ضريرا تنتحيه الجوائح
وصاحب مصر قد مضى لسبيله ... ووالي الجبال قد علته الصفائح
وصاحب جرجانية في ندامة ... ترصده طرف من الحين طامح
صفحة ١٤٩