مع الناس
الناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثامنة
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
التأجيل والتردد (١).
هذا المرض الذي طالما أضاع علينا أموالًا ومكاسب، وخيرات ومنافع، وأفقدنا الدنيا والدين، وهو مرض الجماعات منا والحكومات.
كلما جاء الصيف شكا الناس من فساد الطرق وسوء السيارات، وقلة الماء، وغلاء البيوت والمآكل، ووضعت الخطط للإصلاح ونهم بأن نشرع بها فيكون الصيف قد ولّى، فنؤجل ونسوّف حتى يجيء صيف جديد.
ولما كنت في بغداد سنة ١٩٣٦ فاض نهر دجلة فيضانًا مخيفًا مرعبًا صدع قلوب الناس وكاد يغرق بغداد كلها. ونادى منادي الخطر، وحشدوا الناس من الشوارع لإقامة السدود (٢)، فلما ذهب الخطر جاء التسويف وبقي الأمر كما كان إلى الآن.
_________
(١) ما أرى جدي كتب ما كتب في هذه الفقرة والتي قبلها إلا ليجعل من نفسه مثلًا، فيشجّع الناس على تلافي هذا العيب الذي ينبه إليه وينهى عنه: التأجيل والتسويف. ولئن كان هذا الطبع غالبًا عليه (كما يشير في مطلع المقال) فما كان يصل به أبدًا لدرجةِ صَرْفه عن واجب أو شَغْله عن فريضة. فما عرفته قط -مثلًا- ينام عن صلاة الفجر، لا في عافية ولا مرض ولا في حل ولا سفر، ولا هو كان يومًا من الزاهدين في الكتب النافعة الكبيرة التي يذكرها هنا، بل هو قد قرأ أمّات الكتب وأطول المراجع مذ كان شابًا يافعًا في أول حياته. ولهذا الإيجاز تفصيل أرجو أن أقدّمه للقارئ يومًا في غير هذا المكان إن شاء الله (مجاهد).
(٢) نشرتُ وصف ذلك في «الرسالة».
1 / 61