فترقرقت عينا حسين [(عليه السلام)] ولم يملك دمعه، ثم قال: «منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» (1) اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا، واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ورغائب مذخور ثوابك (2)
[ثم ان] الطرماح بن عدي دنا من الحسين فقال له: إني والله لأنظر فما أرى معك أحدا، ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم، وقد رأيت- قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم- ظهر الكوفة، وفيه من الناس ما لم تر عيناي- في صعيد واحد- جمعا أكثر منه، فسألت عنهم، فقيل:
اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون الى الحسين. فانشدك إن قدرت على أن لا تقدم عليهم شبرا إلا فعلت! فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى انزلك مناع جبلنا الذي يدعى «أجأ» (3) فأسير معك حتى انزلك «القرية» (4).
فقال له [الحسين (عليه السلام)]: جزاك الله وقومك خيرا! انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الامور في عاقبة!.
قال الطرماح بن عدي: فودعته وقلت له: دفع الله عنك شر الجن والإنس (5).
صفحة ١٧٥