الوجل والتوثق بالعمل

ابن أبي الدنيا ت. 281 هجري
16

الوجل والتوثق بالعمل

محقق

مشهور حسن آل سلمان

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ - ١٩٩٧

مكان النشر

الرياض

مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الذَّهَبِ فَعَمِلَ بِهِ حُقًّا، فَجَعَلَ ذَلِكَ الدُّرَّ فِيهِ، وَجَعَلَ مَوْضِعَ ذَلِكَ الْحُقِّ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ إِذْ دَبَّتِ الْحَيَّةُ فَنَهَشَتْهُ، فَجَعَلَ يَغُوثُ بِصَوْتٍ عَالٍ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ جِيرَانُهُ، وَأَقَارِبُهُ، وَأَهْلُ وُدِّهِ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ بِاللَّوْمِ لَهُ فِيمَا فَرَّطَ مِنْ قَتْلِ الْحَيَّةِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمُ الْحُقَّ فَأَرَاهُمْ مَا فِيهِ، وَاعْتَذَرَ مِمَّا عَجَّزُوا فِيهِ رَأْيَهُ، فَقَالُوا: مَا أَقَلَّ غَنَاءَ هَذَا عَنْكَ الْيَوْمَ، إِذْ صَارَ لِغَيْرِكَ، وَهَلَكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ إِخْوَانُهُ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ، هُوَ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَقَدْ أَشَرْنَا عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ. وَلَقَدْ عَجِبْتُ لِأَهْلِ الْعُقُولِ يَعْرِفُونَ الْأَمْرَ الَّذِي ضُرِبَتْ هَذِهِ الْأَمْثَالُ لَهُ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِالْمَعْرِفَةِ، كَأَنَّهُمْ يَرْجُونَ الثَّوَابَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِالْقَوْلِ وَالْمُخَالَفَةِ بِالْعَمَلِ
قِصَّةُ صَاحِبِ الْكَرْمِ وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ لَوْ قَصُرَتْ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ لَكَانَ أَعْذَرَ لَهُمْ، وَيْلٌ لَهُمْ، وَيْلٌ لَهُمْ، لَوْ قَدْ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ صَاحِبَ الْكَرْمِ. قَالُوا: وَكَيْفَ كَانَ مَثَلُ صَاحِبِ الْكَرْمِ؟

1 / 41