قبحه لا لأخصية الغرض ، وحينئذ فلو كان للخادم صديق فيمكن أن يدعو الأمر المتوجه إلى الخادم ذلك الصديق إلى الشراء لأجل أن يحصل بسبب ذلك غرض المولى فيسقط أمره فيستخلص بسبب ذلك الخادم من تبعات الأمر.
لكن هذا الجواب إنما يجري في التوصليات ، وأما في التعبديات فبعد ما عرفته في الإشكال الأول من أن القرب لا يحصل لأحد بفعل غيره لا يمكن داعوية الأمر للغير أيضا ؛ إذ بعد ما يعلم الغير أن فعله لا ينفع بحال المنوب ولا يخلصه من تبعات الأمر لعدم حصول القرب له بسببه فلا ينبعث إلى العمل لا محالة ، وعلى هذا فالإشكال الثاني متفرع على الأول وجوابه جوابه.
وكيف كان فللفحول أجوبة عن الإشكال الأول لا يسمن ولا يغني شيء منها من جوع.
الأول : أن العمل وإن كان للنائب لكن المنوب راض به ومتشكر منه ، فالقرب والثواب بواسطة هذا الرضى والتشكر ؛ إذ الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم.
وفيه أنه مستلزم للدور ؛ لأن رضى المنوب وحبه لعمل النائب متوقف على كونه موجبا لقربه ؛ إذ لا يعقل رضى الإنسان وحبه لعمل الغير مع عدم عود نفع منه إليه ؛ فإن الحب والبغض من الصفات التي لا يمكن إيجادها لمصلحة في نفسها كالعلم ، بل لا بد وأن يكونا منبعثين من المصلحة والمفسدة في متعلقهما وقد فرض أن حصول القرب للمنوب متوقف على رضاه بفعل النائب وحبه له.
الثاني : أنه ليس المراد بالقرب حصول الشأن العظيم والجاه الرفيع عند المولى للعبد بواسطة عمله ، بل المراد ما هو أعم من ذلك وهو أن يكون العبد الذي تنسب إليه العبادة ممتازا في نظر المولى عن غيره الذي لم تنسب إليه ، ويتفرع على هذا كون العامل لخوف النار أو لطمع الجنة متقربا ؛ إذ هو ممتاز عن التارك بالمرة قطعا.
وحينئذ فنقول : رجلان ماتا جميعا ، فتبرع من أحدهما متبرع فقضى عنه العبادات المتروكة ، ولم يتبرع من الآخر أحد ، ليسا على حد سواء في نظر المولى.
الثالث : أن العامل يسلم العمل إلى المنوب ، وهو يضعه في طبق الإخلاص و
صفحة ١٢٧