وأن الله رحمن رحيم حكيم عليم لا يجوز عليه العبث، فكيف يمنع عباده من الإيمان ثم يقول في كتابه: { وما منع الناس أن يؤمنوا } [الإسراء 64]، { وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر } [النساء: 39] { فما لهم لا يؤمنون } [الانشقاق: 20]؟! أو يأمرهم بالهدى ويصرفهم عنه، ثم يقول { أنى تصرفون{ ، ويخلق فيهم الكفر ثم يقول: { لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا } [مريم: 90]!! بل نقول سهل ربنا لعباده السبيل، وأقام لهم الدليل، وأرسل إليهم الرسول، وأنزل عليهم القرآن، وجعل فيه الشفاء والبرهان، أحل فيه الحلال، وحرم فيه الحرام، وأقام الحدود والأحكام، ثم مكنهم مما طوقهم، ثم دعاهم جميعا إلى الإيمان به، ثم أمرهم ونهاهم، ثم آمنهم من ظلمه، ورغبهم في جزيل ثوابه، ولم يرد منهم غير ما به أمرهم، ولم يزجرهم وينههم عما يريده منهم ويشاءه، لما في ذلك من خلاف الحكمة والرحمة، كما قال سبحانه: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } [الأعراف: 180]، ويقول: { إنه بهم رؤوف رحيم } [التوبة:117]، وقال: { ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى } [النجم: 39]، { وما ربك بظلام للعبيد{ .
صفحة ٢٦٢