التوحيد
فإنا ندين بأن الله واحد أحد، ليس كمثله شيء، ولا له ند من الأشياء ولا ضد؛ لأن الند لما يناده مكاف، والضد لما يضاده مناف، وليس من الأشياء ما يكافيه، ولا يضاده فينافيه. وأنه ليس بجسم محدود، ولا شبح مماثل، وأنه بكل مكان على غير اجتنان، ولا كينونه، وكذلك قال تبارك وتعالى: { وهو معكم أين ما كنتم } [الحديد: 4]، وقال: { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا } [المجادلة: 7]، وقال عز وجل: { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ق: 16]، وقال: { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } [الزخرف: 84]، مع آيات كثيرة تدل على أنه لا يحتاج إلى المكان، وأنه بكل مكان مدبر، وأنه كان قبل كل مكان وحين وأوان، وأنه كان ولا سماء ولا أرض، ولا عرش ولا كرسي، ولا كلام ولا صوت، ولا حروف. وأنه كان قبل التوراة والإنجيل والقرآن، وأن القرآن أنزله على نبيه عليه السلام، وأنشأه، وخلقه، ووصله، وفصله، وألفه، وأحدثه، وأنه يقدر أن يذهب به، ويجيء بغيره، وأنه محفوظ، وأن الله حافظه، وأنه يقدر أن يجي بمثله، كما قال سبحانه: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } [البقرة: 106].
صفحة ٢٥٩