الخلاف بين الأمة فيمن تكون فيهم الإمامة
وجميع أهل الصلاة عندنا خمسة أصناف: الشيعة، والمعتزلة، والخوارج، والمرجية، والعامة.
فقالت المعتزلة، والخوارج: الإمامة جائزة في الناس كلهم، ما صلحوا بأنفسهم، وكانوا عالمين بكتاب الله ربهم، وسنة نبيهم عليه السلام.
وقالت المرجئة، والعامة: الإمامة جائزة في قريش، محظورة على غيرهم.
وقالت الشيعة: الإمامة جائزة في آل محمد، محظورة على غيرهم.
فإذا ذلك إجماع من الفرق كلها في آل محمد، وذلك أن من أجازها في قريش فقد أجازها في آل محمد؛ إذ كانوا خير قريش وأوسطهم دارا. فأما المعتزلة والخوارج فشهادتهم ساقطة إذ ادعوها لأنفسهم، وفي السنة أن لا تجاز شهادة الجار إلى نفسه. فجميع هذه الفرق قد أقرت للشيعة بجواز هذا الأمر في آل محمد، وأنكرت الشيعة أن تكون جائزة في غيرهم، فالحق ما أجمعوا عليه، والباطل ما اختلفوا فيه.
وأجمعت الأمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.))، وقال هما (( إمامان قاما أو قعدا.)). وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي؛ إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.)) فكما لا يجوز ترك التمسك بالكتاب، كذلك لا يجوز ترك التمسك بالعترة؛ لأن الكتاب يدل على العترة، والعترة تدل على الكتاب، ولا يقوم واحد منهما إلا بصاحبه. وقال عليه السلام: (( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى.))، مع ما جاء فيهم، وفي أبيهم، من تواتر الأخبار، وتظاهرها، عليهم صلوات الله ورحمته وبركاته.
صفحة ٢٦٦