وبيانه ان الشيخ أبا علي رحمه الله قال في أول تفسيره: التفسير معناه كشف المراد عن اللفظ المشكل، والتأويل رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الاخر، وقيل: التفسير كشف المغطى، والتأويل انتهاء الشئ ومصيره وما يؤل إليه أمره، وهما قريبان من الأولين فالمعنى من فسر وبين وجزم وقطع بأن المراد من اللفظ المشكل مثل المجمل والمتشابه كذا بان يحمل المشترك اللفظي مثلا على أحد المعاني من غير مرجح وهو اما دليل نقلي - كالخبر المنصوص أو آية أخرى كذلك أو ظاهر أو اجماع، أو عقلي، أو المعنى المراد به أحد معانيه بخصوصه بدليل غير الدليل المذكور على فرد معين فقد أخطأ، وبالجملة المراد من التفسير الممنوع برأيه بغير نص هو القطع بالمراد من اللفظ الذي غير ظاهر فيه من غير دليل بل بمجرد رأيه وميله واستحسان عقله من غير شاهد معتبر شرعا كما يوجد في كلام المبتدعين وهو ظاهر لمن تتبع كلامهم والمنع منه ظاهر عقلا والنقل كاشف عنه، وهذا المعنى غير بعيد عن الأخبار المذكورة بل ظاهرها ذلك " انتهى كلامه.
وقال بعض الفضلاء (1) ان كلام هذا الفاضل الصالح نور الله مرقده ناطق بغفلته عن الأحاديث الواردة عن أهل الذكر عليهم السلام المتعلقة بأصول الفقه والمتعلقة بما يجب على الناس بعد موته صلى الله عليه وآله والمتعلقة بكتاب الله والمتعلقة بكلام رسول - الله (ص) أو عدم امعان النظر فيها أو دخول شبهة عليه أوجبت طرح تلك الأحاديث أو تأويلها بزعمه وينبغي ان يحمل فعله على أحسن الوجوه التي ذكرناها لأنه كان من عظماء المحققين (2) قدس الله أرواحهم وتلك الأحاديث الواردة (3) مع تواترها معنى صريحة في أن استنباط الاحكام النظرية من كتاب الله ومن السنة النبوية شغلهم صلوات الله وسلامه
صفحة ٣٤